لماذا؟ هو لو رواها عن عمر قلنا: له شأنٌ ثاني؛ لكن هو يحكي قصة لم يشهدها، عبيد الله يحكي قصة لم يشهدها، فهي منقطعة، وفي رواية مسلم متصلة يروي عن صاحب القصة، رواية مالك منقطعة، ورواية مسلم متصلة، هل مرد الاتصال والانقطاع أن الصيغة في رواية مالك "أنّ" والصيغة في رواية مسلم "عن"؟ ابن الصلاح نقل عن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهما يفرقان بين هاتين الصيغتين، فيقولان: "عن" متصلة، و"أنّ" منقطعة باطراد، ويأتي بمثالٍ نظير ما عندنا، الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة حكما على حديثٍ من طريق محمد بن الحنفية أن عماراً مرَّ به النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالا: هذه منقطعة، وحكما على الحديث من طريق أخرى عن محمد بن الحنفية عن عمارٍ أنه مرَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: متصلة، وابن الصلاح يرى أن حكم هذين الإمامين سبب اختلاف الحكم هو اختلاف الصيغة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
يعني ما أدرك السبب الحقيقي للحكم، وهو أنهما حينما حكما بالاتصال حكما على روايةٍ متصلة، يحكيها الراوي عن صاحبها، وحكما على الرواية المنقطعة؛ لأن الراوي يحكي قصةً لم يشهدها لا عن صاحبها، ونظيره ما عندنا، عبيد الله يقول: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد، هو ما شهد، إذاً القصة منقطعة، في رواية مسلم عن عبيد الله عن أبي واقد، وقد أدرك أبا واقد، قال: سألني عمر فهي متصلة بلا شك، وليس مرد ذلك باختلاف الصيغة، وإنما السبب في حكاية الراوي، فإذا حكى القصة عن صاحبها الذي أدركه فهي متصلة، وإذا حكى قصةً لم يشهدها فهي منقطعة، "كذا له ولم يصوب صوبه" ما أدرك حقيقة الأمر، وعلى هذا.
. . . . . . . . . ... وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُّ
سووا وللقطع نحا البرديجي ... حتى يبين الوصل في التخريجِ