نعم، العيد الحقيقي والجمعة، والجمعة من أعياد المسلمين إلا أنها غير العيدين المقررين في الشرع، الذي أبدلنا الله بهما عن أعياد الجاهلية.
"إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية" واحدة العوالي: وهي القرى المجتمعة حول المدينة، أبعدها عن المدينة ثمانية أميال، "فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة" ليصلي الناس، ولا يحمل نفسه المشقة بالذهاب والرجوع فلينتظرها حتى يصليها، "ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له"، يرجع ولو لم يحضر للجمعة، فيجوز ذلك، وبعضهم كالإمام مالك يخص هذا بمن أذن له الإمام، "ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له"، يقتصر الحكم على من أذن له الإمام، أما من لم يأذن له الإمام فإنه لا يجوز له أن يترك الجمعة، ولو حضر العيد؛ لكن الجمهور يجيزون لغير الإمام إذا حضر العيد أن لا يحضر الجمعة، بل يصليها ظهراً، وأما القول بأنه لا تلزمه الجمعة ولا الظهر، وأنه يكتفى بالعيد فإنه قولٌ شاذ، لا يعول عليه.
قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور -رضي الله عنه وأرضاه-، فجاء فصلى ثم انصرف فخطب.
شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعثمان محصور، جملة حالية، فجاء فصلى، يعني قبل الخطبة، ثم انصرف فخطب، قال أبو عمر: إذا كان من السنة أن تقام صلاة العيد بلا إمام فالجمعة أولى؛ لأنها آكد، الجمعة آكد من العيد، فإذا صاغ أن تقام العيد بدون إمام فالجمعة من باب أولى، إذاً لا يشترط لإقامة صلاة العيد أو الجمعة إذن الإمام، من أين أخذ هذا؟ علي -رضي الله عنه- صلى وعثمان الذي هو الإمام الحقيقي محصور، بهذا قال مالك والشافعي، معروف عند الحنابلة أن الجمعة لها شروط ليس منها إذن الإمام، ومنع ذلك أبو حنيفة، فلا تقام الجمعة عنده إلا بإذن الإمام.