في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس قال: شهدتُ العيد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يصلون قبل الخطبة، واختلف في أول من غير ذلك، يعني من خطب قبل الصلاة، ففي مسلم عن طارق بن شهاب أن أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان، وأنكر عليه، أنكر عليه من قبل بعض الصحابة، وهو على المنبر، القاعدة المقررة: أن المنكر لا بد من إنكاره؛ لكن أيضاً مقرر عند أهل العلم أنه إذا ترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه فلا، المقرر عند أهل العلم ارتكاب أخف الضررين، معروف مقرر في الشرع، فإذا ترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه يترك ويعدل عنه، وإلا ففي حديث أبي عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، على أن نقوم بالحق لا نخاف في الله لومةَ لائم" لكن متى؟ هذا إذا خشيت مفسدة، أما إذا ترتب على ذلك مفسدة فلا، أنكر أبو سعيد ولم ينكر أبو هريرة، دخل أبو هريرة ومعه مروان وجلس في المقبرة، فجاء أبو سعيد وشال مروان بيديه: قم، وفيه النهي عن الجلوس وأبو هريرة حاضر حتى توضع.
المقصود أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، مصالح ومفاسد، إن كانت المفاسد أعظم فمعروف المسألة في الشرع، على كل حال هذه أمور معروفة ومبحوثة ومقررة عند أهل العلم، ولا يمكن أن يقدم عالم على أمرٍ يجزم بأنه يترتب عليه ضرر عام، أما ضرر على الشخص نفسه، فهناك ما يسمى بالعزائم والرخص، المسألة معروفة.
اختلف في أول من غير ذلك، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان، قال الباجي: "من بدأ بالخطبة قبل الصلاة أعادها بعد الصلاة، فإن لم يفعل فذلك مجزئٌ عنه، وقد أساء، قاله: أشعب".