هذا الاختبار اختبار ضبط وجودة الحفظ لا للتعبد، لا التعبد بهذا، إنما يختبرونه بهذا، ما هو بيتعبد بهذا، من أجل أن يختبر ضبطه وإتقانه؛ لأنه إذا اختبر عكساً ليس بحاجة إلى أن يختبر طرداً، زيادة في الضبط والإتقان، وعلى كل حال التوسط في الأمور والاعتدال فيها هو المطلوب.
على طالب العلم أن يفعل الأنفع له علماً وعملاً، لو قيل لشخص: أنت الآن سوي مثل ابن عمر، ثمان سنين في البقرة، بحيث إذا انتهيت من البقرة وأنت كثرت عليك العائلة ومشاكل الدنيا وطلب العيش أردت أن تحفظ آل عمران عجزت، أو نقول: احفظ القرآن في أقرب مدة ممكنة ثم بعد ذلك اضمن الحفظ، ثم عد إلى الفهم والتدبر والاستنباط؟ لأن الحفظ له وقت، الحفظ في الصغر غير الحفظ في الكبر، نعم الحفظ ينبغي أن يساند هذا الحفظ حفظ الحروف فهم للمعاني بواسطة تفسير من التفاسير الميسرة المبسطة الموثوقة التي تخلو عن مخالفات، أو على أقل الأحوال كلمات القرآن تمر عليك (جرزا) وتمر عليك كلماتٍ ما تدري ويش معناها؟ فإذا ضبطتها وأنت تحفظ خلاص أتقنتها، وهذا يعينك على الفهم والتدبر.
على كل حال الكلام حول القرآن كثير جداً، لكنه هو أول وآخراً هو شرف هذه الأمة {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [(44) سورة الزخرف] لا يكون مثل هذا الكلام الذي نقرأه مجال أو باب ينفتح على الأمة يستغله بعض المغرضين وبعض المفسدين، وبعض الذين .. ، بعض المنافقين الذين يغيظهم وجود -ولله الحمد- هذه النابتة التي تعنى بحفظ كتاب الله -جل وعلا-، وجود هؤلاء المجاهدين الذين يتولون تحفيظ هذه الناشئة لكتاب الله -جل وعلا-، لا يكون مثل هذا الكلام مدخل لبعض المنافقين أن يلبس على الناس أو يشوش، لا.
لكن المسألة مفاضلة بين علم وعمل، العمل ولو كان قليلاً، العمل بالعلم ولو كان قليلاً أفضل من العلم الكثير المجرد هذا مفاده.