"فمر عمر فليصل للناس" وهي في البخاري كلها: "فليصلِّ" بدون ياء؛ لأن اللام لام الأمر تجزم المضارع، "فليصل للناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) تأكيد ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي له" يعني كأنها رأت أن قولها لا يقبل في أبيها "قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة" قالت للنبي -عليه الصلاة والسلام- ما قالت لها عائشة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) يعني كصواحب يوسف، مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، يعني عائشة لما قالت هذا الكلام هل العلة الحقيقية في كلامها كون أبيها أسيف لا يسمع الناس من البكاء، أو لأنها ترى أنه إذا قام مقام النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشاءم الناس به، هذا موجود عند الناس، إذا عزل شخص كفؤ من منصبه وعين مكانه بدله ممن لا يقاربه ولا يدانيه لا شك أنه يكون محل تشاءم من الناس، محل يعني ازدراء، فأبدت عائشة -رضي الله عنها- هذه العلة وأظهرت غيرها، فشبه النبي -عليه الصلاة والسلام- بصواحب يوسف، وجه المشابهة ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) المخاطب به حفصة، وتدخل فيه عائشة؛ لأنها قالت ذلك قبل ذلك، وجه المشابهة كما قال ابن حجر: أن زليخة استدعت النسوة، وأظهرت لهؤلاء النسوة الإكرام للضيافة، ومرادها أن ينظرن إلى يوسف فيعذرنها، وعائشة أظهرت أن السبب كون أبيها رقيقاً، ومرادها أن لا يتشاءم به الناس فأظهرت خلاف ما تبطن، نظير ما فعلته امرأة العزيز، قال: ((صواحب)) ما قال: صاحبة يوسف ((لأنتن صواحب يوسف)) وهذا من التشبيه البليغ، حذفت فيه الأداة فكأن المشبه عين المشبه به.