فإذا استغل أوقات الفراغ لا سيما في الليل بالصلاة، فهذا من خير ما تفنى فيه الأعمار {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] هذه إشارة إلى أن أهل هذه الصلاة التي هي قيام الليل هم أهل العلم {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة] وجاء الحث: ((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين))، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) ومع الأسف كثير من طلاب العلم بل بعض من ينتسب إلى العلم لا نصيب له من قيام الليل، وهذا لا شك أنه تقصير وخلل، والإنسان مأمور بالفرائض بلا شك ويأثم بتركها، ولا يأثم بترك النوافل، لكن هذه الفرائض يعتريها ما يعتريها من خلل ونقص فيجبر من هذه النوافل ((انظروا هل لعبدي من تطوع)) يجبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قام -عليه الصلاة والسلام- حتى تفطرت قدماه، ولا شك أن هذا من شكر النعمة، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)) هذا شكر النعمة، وبهذا تقر النعمة، والله المستعان.
وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين يعني في بيته، وثبت عنه أنه يصلي أربع ركعات بعد الجمعة، وهو محمولٌ على ما إذا صلاها في المسجد، وإذا صلاها في البيت فركعتان، وإن قال بعضهم بالجمع بينهما، فيصلي ركعتين في المسجد وأربع في البيت.
وأما ما قبل الجمعة فالمعروف عن الصحابة أنهم يصلون، يصلون قبل الجمعة ويغتنمون مثل الوقت حتى يدخل الإمام، وأما بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- فلم يحفظ عنه أنه صلى قبل الجمعة، وإنما كان ينشغل بالخطبة أول ما يدخل المسجد يصعد المنبر وينشغل بالخطبة ثم الصلاة ...