"وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب -المدني- عن أبيه -عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني- .... أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا -هذا حرف تنبيه- ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا)) كناية عن غفران الذنوب والعفو عنها، أو محوها من كتب الحفظة ((بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات)) المراد بها المنازل العالية في الجنة ((إسباغ الوضوء عند المكاره)) يعني في المشقات والشدائد كشدة الحر وشدة البرد ((إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطى -جمع خطوة- إلى المساجد)) ويكون ذلك ببعد الدار عن المسجد، وجاء في الحديث الصحيح: ((بني سلمة دياركم تكتب آثاركم))، ((وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط)) هذا رباط ومرابطة، وامتثال للأمر {وَرَابِطُواْ} [(200) سورة آل عمران] وإن كان الأصل في الرباط حقيقته الشرعية ملازمة الثغور، لكن الذي لا يتيسر له ذلك فليحرص على هذا؛ لأن المرابطة مأمور بها ((فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)) يعني المرغب فيه، والحصر يدل على أن هذا النوع أفضل الرباط، وإذا قلنا: إن قوله: ((فذلكم الرباط)) من باب التشبيه يعني كالرباط اقتضى أنه دون الرباط في الثغور لكنه نوعٌ مرغبٌ فيه من أنواع الرباط.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: يقال: لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه" حيث خرج لحاجة لضرورة أحدث وأراد أن يجدد الوضوء هذا في حكم من بقي في المسجد، لو كان في درس مثلاً ومكث فيه إلى أن انتهى الدرس وخرج إلى مسجدٍ آخر فيه درس آخر، وأراد أن يدرك الدرس من أوله هذا أيضاً عذر في الخروج، وإن كان الأولى أن يخرج قبل الأذان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015