عاد الضرورات تقدر بقدرها ما منعه إلا أمرٌ ضروري الضرورة تقدر بقدرها معروف.
يقول الناظم -رحمه الله- ابن عبد القوي:
وخير مقامٍ قمت به وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ
وكثيراً ما يرد في الأحاديث أنه دخل على النبي في المسجد، فجاء إلى المسجد، المقصود أن هذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام-.
"وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر أن أبا بكر" يعني مولاه ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أحد الفقهاء السبعة "كان يقول: من غدا -الغدوة في أول النهار- أو راح -يعني في آخره من الزوال- إلى المسجد لا يريد غيره" غدا أو راح لا يريد غير المسجد، لكنه غدا هذا خرج من بيته غدوةً، أو راح من بيته يريد البقالة مثلاً ليقضي حاجة، ثم قابله ولده وقال له: روح اقض الحاجة أنت أنا بأروح المسجد، هذا ما غدا إلى المسجد، لكن عدوله عن هذا الأمر المباح إلى هذا الأمر الفاضل لا يحرم أجره -إن شاء الله تعالى-.
"إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيراً -من غيره قاصد درس مثلاً- أو ليعلمه -يعلم غيره الخير- ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً" يقول ابن عبد البر: وهذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد؛ لأنه قطعٌ على غيبٍ من حكم الله وأمره في ثوابه، المقصود أنه يريد ابن عبد البر أن يقرر أن مثل هذا لا يقال بالرأي فله حكم الرفع.
طالب:. . . . . . . . .
هو بعيد من وجه باعتبار أن من أهل العلم من يجعل العلم باباً من أبواب الجهاد، وأجرى عليه بعض أحكام الجهاد في جواز السفر، المقصود أنه باب من أبواب الجهاد، لكن هل يرجع كالمجاهد في سبيل الله الذي ذهب ليقاتل الأعداء، المقصود فضل الله واسع.
جاء في الخبر أيضاً المرفوع من حديث سهل بن سعد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من دخل مسجدي هذا ليتعلم خيراً أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله)) هذا مرفوع، حديث أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان كأجر حاجٍ تاماً حجه)) أخرجهما الطبراني وإسناد كلٍ منهما حسن كما قال السيوطي.