وقال أبو حنيفة والشافعية: لا إعادة إن لم يترك شيئاً من فرائضه، وقال الطحاوي: لا خلاف أنه لو شغل قلبه بشيء من أمور الدنيا أنه لا تستحب له الإعادة فضلاً عن أن تجب إذا شغل قلبه عن أمور الدنيا، وكذا لو شغله أي شاغل سواءً كان من أمور الدنيا أو من أمور الآخرة، نعم ليس له من صلاته إلا ما أعقل، جاء عن عمر أنه كان يجهز الجيوش وهو في الصلاة -رضي الله عنه وأرضاه-، وكما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] كلٌ يشتغل بما يهمه، فمن الناس من يهتم بأمور الدين، وقد تشغله حتى في صلاته وهذا ملاحظ، الذي يشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو بصدد قضية معينة، ثم يدخل في صلاته تشغله هذه القضية، وهو خير على خير -إن شاء الله-، كما أن عمر يجهز الجيوش في الصلاة، وقد ينشغل بمباح وهذا كثير، وقد ينشغل بمحظور بمحرم.

من الصور التي تقع: الانشغال بأمرٍ مشروع، بما يشبه عمل المصلي، يعني افترض أن شخص خلف الإمام والإمام يقرأ بآيات مؤثرة فيبكي لا من قراءة الإمام، ولا من الآيات التي يقرأها، ولا بسبب الآيات التي يقرأها الإمام وهذا حصل، شخص في الدور الثاني في المسجد الحرام يطل على المطاف وفي أوقات الزحام، رأى الناس في المطاف يموج بعضهم في بعض فبكى من هذا المنظر، والإمام يقرأ آيات مؤثرة وبعض الناس يبكون بسبب القراءة هذا انشغال بأمر خير، لكن الأولى أن يقبل الإنسان على صلاته، ولا ينشغل بأي أمر ولو كان خيراً؛ لأن الأجر المرتب على الصلاة غير الأجر المرتب على غيرها، فضلاً على أن ينشغل بمباح، فضلاً على أن ينشغل بمحرم، بعض الناس تشغله أموره العادية المباحة، وبعض الناس ممن -نسأل الله العافية- يشتغل بالمحرمات بالمنكرات تشغله هذه المحرمات حتى في صلاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015