"أنه قال: من كلام النبوة الأولى" يعني مما أدركه الناس من كلام النبوة الأولى، كما في الحديث: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى)) أي مما اتفقت عليه النبوات والشرائع السابقة، وهذا مخرج في الصحيح، ((إذا لم تستحي فأفعل ما شئت)) الحديث مخرج في البخاري في كتاب الأنبياء، في كتاب الأدب أيضاً: "بابٌ: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" الترجمة بدون ياء لأكثر الرواة، والحديث بالياء ((تستحي)) أيهما الصواب؟ على كل حال هما لغتان: لغة تميم بياءٍ واحدة، أصل الفعل بياءٍ واحدة {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِي} ولغة قريش بياءين: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي} [(26) سورة البقرة] فعلى هذا إذا دخل الجازم على المضارع حذف الياء التي هي إيش؟ لام الكلمة، فإذا حذفت على لغة تميم ما يبقى شيء هي ياء واحدة، وإذا حذفت على لغة قريش حذف واحدة وبقي واحدة، فالنص بالياء: ((إذا لم تستحي)) والترجمة بدون ياء على لغة تميم في بعض النسخ، ((فافعل ما شئت)) هذا لفظه لفظ الأمر (افعل) ومعناه الخبر، يعني أن الذي لا يستحي من الناس يصنع ما شاء، هذا خبرٌ عنه، لا أنه يجوز له أن يفعل ذلك، ومنهم من يقول: إنه أمر تهديد كما في قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] تهديد، ومنهم من يرى أن العمل إذا كان لا يستحيا منه فإنه مباح، لا يستحيا من إظهاره فإنه مباح، والمقصود من ذلك الشخص السوي الذي ما زال على الفطرة، ليس المراد به الشخص الذي اجتالته الشياطين، وأعجب بالمخالفين، لا، هذا لا يستحي، الذي على الفطرة حياؤه موافق لما يجيء في الشرع إن كان على الفطرة، وعلى كل حال المعنى منه واضح، إما إن كان هذا العمل لا يستحيا منه دل على جوازه فافعله، أو يكون هذا المراد به التهديد والوعيد إذا وصلت إلى هذا الحد بحيث نزع منك الحياء فاصنع ما شئت، يعني لا حيلة فيك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015