لكن إذا صلى إلى غير سترة هنا يقول: ((إذا أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر)) يعني سواءً استتر أو لم يستتر، لكن هذا مقيد بما في الروايات الصحيحة التي فيها التصريح بالاستتار، إذا لم يستتر المصلي فالمار بين يديه مأمور بأن لا يمر، منهيٌ عن المرور بين يديه، وهذا ما يخصه من النصوص ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه)) لا يترك أحد يمر بين يديه وعبر باليدان لكونه أكثر الشغل إنما يكون باليدين، لا يدع أحد يمر أمامه بالقرب منه، فإن استتر فما وراء السترة لا بأس به، ويبقى ما دونه هو محل الدفع، وإذا لم يستتر فليس له أن يدفع، إنما إذا أشار إشارة لا تضر بصلاته؛ لأنه فرط في الأمر باتخاذ السترة، كما دلت على ذلك الروايات الأخرى، وليس للمار أن يمر بين يديه بالقرب منه ولو لم يستتر.
((فلا يدع أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع)) يدفعه حسب استطاعته بالإشارة ولطيف العبارة، يعني بالإشارة المفهمة إلى أنه لا ينبغي أن يمر بين يديه ((فإن أبى فليقاتله)) يزيد في دفعه الأسهل فالأسهل، ثم بعد ذلك إن احتاج إلى الأشد فعل يدفعه إن لم يندفع إلا بقوة دفعه بقوة، حتى قال بعض أهل العلم: إنه لو مات من هذا الدفع دمه هدر، وليس معنى هذا أن يتخذ الإنسان السلاح يتوشح بسيف من مر بين يديه قاتله بالسيف أو بمسدس لا، لا، هذا ينافي مقتضى الصلاة، إنما يدفعه بالأسهل فالأسهل، إن أصر على المرور بين يديه مع هذا الدفع لا شك أنه ليست له حرمة؛ لأنه شيطان يريد أن يفسد عليه صلاته، فالإجماع قائم على أنه لا يجوز المقاتلة بالسلاح، وزعم بعضهم أن قوله: ((فإن أبى فليقاتله)) معناه بالسب والشتم واللعن، قال بعضهم، قاتل الله فلاناً، قاتل الله اليهود والنصارى يعني لعن، فالمقاتلة من هذا الباب، وهذا القول لا شيء كيف يسبه وهو في صلاته؟ كيف يلعنه وهو في صلاته؟ إذا كان ممنوع من الكلام المباح فكيف بالفحش والمحرم من الكلام؟! هذا كلام ليس بصحيح {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [(10) سورة الذاريات] يعني لعنوا، فهم يريدون أن يكون من هذا الباب.