وعلى كل حال هما مسلكان عند أهل العلم، منهم من يرى صيانة الصحيح عن مثل هذا الكلام، وأن جميع ما في الصحيحين صحيح، ومنهم من يرى أنه يحكم للراجح، ويحكم على المرجوح بالوهم ولو كان في الصحيح، وهنا لا يوجد ما يعارض، لا يوجد رواية تخالف هذه الرواية، يعني لم ينفِ أحدٌ من الصحابة كونه يصلي -عليه الصلاة والسلام- وهو على حمار، حتى ولو قدر بل إن وجد من ينفي قيل: هذا على حسب علمه، والمثبت مقدم على النافي، فمثل هذا الموضع الذي يحصل فيه الخلاف بين صاحبي الصحيح ومن ينتقد أحاديث الصحيح كالدارقطني الغالب أن الإصابة مع الشيخين الغالب، فإذا أمكن حمل ما في الصحيح مما حكم عليه الدارقطني أو غيره بأنه خطأ على وجهٍ يصح فلا مناص من القول به، وهنا يمكن ولا معارض ومثل ما ذكرت هما مسلكان لأهل العلم منهم من يحمل جميع ما جاء في الصحيح على أنه هو الصواب وما عداه هو الوهم، ومنهم من لا يرى مانع من القول بأنه قد يقع في الصحيح من الخطأ، ولذا استثنى ابن الصلاح من القطع بصحة ما أخرجه الشيخان قال: سوى أحرف يسيرة تكلم فيها بعض الحفاظ.
في مثل صلاة الكسوف في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وفي صحيح مسلم ثلاثة ركوعات وأربعة، وفي غيره خمسة ركوعات، والحادثة لم تقع إلا مرة واحدة مما يتفق عليه أهل السير، فالذي يرى صيانة الصحيح يقول: ويش المانع أن يكون الكسوف وقع أكثر من مرة؟ والذي يرى الترجيح يحكم لما في الصحيحين بأنه الراجح وما عداه مرجوح، ولا مانع من أن يقع الراوي يقع من الراوي الحافظ الضابط المتقن الوهم.