وقال الثوري وأبو حنيفة: إذا نوى إقامة خمسة عشر يوماً أتم الصلاة ودونها يقصر، على كل حال التحديد بمدة هو قول الأئمة الأربعة التحديد بالمدة، وهو قولٌ أيضاً التحديد بالمسافة، الخلاف في المسافة تقدم، الثلاثة يرون أربعة برد، أبو حنيفة يرى ثلاثة أيام يعني ستة برد.
بالنسبة للإقامة الأربعة على التحديد، الثلاثة على أربعة أيام، وأبو حنيفة يرى خمسة عشر يوماً، وعلى كل حال التحديد هو قول الأئمة الأربعة سواءً في المسافة وفي المدة، والقول بالإطلاق كما هو مقتضى النصوص هو الأصل، لكن يبقى أنه وإن كان هو الأصل إلا أن عمل السلف على خلافه، فدل على أنهم فهموا من هذا الإطلاق أن مراد الشارع هذا التقييد، وذلكم باللوازم التي ترتبت على الإطلاق.
"وسئل مالك عن صلاة الأسير، فقال: مثل صلاة المقيم" يعني يتم، يعني إذا كان في بلده، إذا كان في بلد وهو أسير "مثل صلاة المقيم إلا أن يكون مسافراً" هو أسير وماكث، لكنه من غير طوعه ولا اختياره، فهل يمكن أن يكون أسيراً وهو في بلده؟ يصير أسير وهو في بلده؟ يعني أسروه في بلده، وحينئذٍ يصلي صلاة مقيم، إذا كان مسافر يعني أسر في غير بلده وإن زادت المدة على أربعة أيام فإنه يصلي صلاة مسافر فيقصر؛ لأن إقامته ليست باختياره، وقل مثل هذا فيمن صار عليه حادث مثلاً في بلدٍ ما وسجن، ارتكب مخالفة وسجن شهر شهرين ثلاثة لا يزال مسافراً؛ لأن إقامته من غير عزمٍ منه، ولا من طوعه ولا من اختياره، وحينئذٍ له أن يترخص.