قال: "حدثني يحيى عن مالك .. " يعني صلاة المسافر ما دام مسافراً ما لم يجمع يعزم على الإقامة في مكانٍ معين مدة حددها الجمهور بأربعة أيام، يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول: أصلي صلاة المسافر ما لم أجمع مكثاً" يعني ما لم أعزم على الإقامة "وإن حبسني -منعني ذلك- اثنتي عشرة ليلة" لأن حكم السفر لم ينقطع بل أكثر، وبقي ابن عمر ستة أشهر يترخص؛ لأنه حبسه الثلج، فإذا لم يعزم على الإقامة في هذا المكان أربعة أيام فأكثر فإن له أن يترخص إذا كان لا يدري متى يخرج؟ له أن يترخص، ولو أقام في مكان من غير طوعه ولا اختياره كما حصل لابن عمر لما حبسه الثلج له أن يترخص، الإشكال فيما إذا لو عزم على المقام في مكانٍ بطوعه واختياره مدة أربعة أيام فأكثر فإنه حينئذٍ لا يترخص في قول الأكثر.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليالٍ يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته" تامة، أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة، إقامته بمكة محددة بعشرين صلاة فقط، يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري: المحفوظ أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى بمكة قبل التوجه إلى منى عشرين صلاةً فقط، أولها ظهر اليوم الرابع وآخرها فجر اليوم الثامن، وأما فجر اليوم الرابع فمختلفٌ فيه، فأهل العلم أخذوا من هذه العشرين الصلاة التي أقامها النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها حد فاصل في الفرق بين السفر والإقامة، وأن من عزم على الإقامة بمكة أربعة .. ، بأي مكان في مكانٍ ما أربعة أيام فأكثر أنه لا يترخص، ومن أقوى أدلتهم إذنه -صلى الله عليه وسلم- للمهاجرين بالإقامة بعد تمام نسكهم ثلاثة أيام، مع أنه لا يجوز للمهاجر أن يقوم في البلد الذي هاجر منه، فإذنه ثلاثة أيام يدل على جواز المكث ثلاثة أيام، وأن حكم الثلاثة الأيام تختلف عن الأربعة فدل على أن الأربعة ممنوعة بالنسبة للمهاجر، مع أنه ممنوع من الإقامة إذاً الأربعة إيش؟ إقامة.