الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم في صحيحه بابٌ: في كم تقصر الصلاة؟ يعني كم المسافة التي تقصر فيها الصلاة؟ وسمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلة سفراً، هذا كلام البخاري: "وسم النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلاً سفراً، وكان ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما أو عنهم- يقصران ويفطران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخاً، هذا كله في الصحيح، يقول ابن حجر: مسألة مسافة القصر من المسائل التي انتشر فيها الخلاف جداً، فحكى ابن المنذر وغيره فيها نحواً من عشرين قولاً، فأقل ما قيل في ذلك يومٌ وليلة هذا كلامه، أقل ما قيل في ذلك يومٌ وليلة، وأكثره ما دام غائباً عن بلده، وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، وأورد ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة؛ لأنه قال: في كم تقصر الصلاة؟ على سبيل الاستفهام، والعادة أنه إذا لم يجزم بالحكم وأردف الاستفهام بأثر فاختياره مقتضى ذلك الأثر، اختيار البخاري ما يقتضيه ذلك الأثر، وهذا الأثر أن المسافة ما نقله عن ابن عمر وابن عباس أنهما يقصران ويفطران في أربعة برد أن هذا اختياره، أربعة برد ثمانين كيلو، وقبل ذلك قال: وسمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم وليلة سفراً، يوم وليلة، وابن عمر وابن عباس يفطران ويقصران في أربعة برد، يعني هل يتفق فعل ابن عمر وابن عباس مع يوم وليلة؟ هنا يقول: وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام وأورد ما يدل على اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة، هم يقولون: إذا أردف الترجمة التي لم يجزم فيها بحكم بأثر فاختياره مقتضى ذلك الأثر، هنا أورد خبراً مرفوعاً وأثرين عن ابن عمر وابن عباس، وجعل الحافظ ابن حجر اختيار البخاري مقتضى الخبر المرفوع، سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلة سفراً، ويوم وليلة سفر يوم وليلة نصف أربعة البرد؛ لأن الأربعة البرد مسافة يومين قاصدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015