وعرفنا لماذا كررت: "ركعتين ركعتين" تقول: "في الحضر والسفر" وقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس قال: "فرضت الصلاة في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين" ويمكن التوفيق بينهما بأن كلام عائشة في أول الأمر وكلام ابن عباس في آخر الأمر "إلا المغرب فإنها وترُ النهار" وتر لأنها تقع في آخر جزء من النهار بل بعده، وتختم بها صلوات النهار فكانت كالوتر "وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة" هذه سمتها، ولطولها أطلق على الصلاة -صلاة الفجر- قرآن الفجر؛ لأنه أطول أركانها، {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] يعني صلاة الفجر، ومعنى هذه الشهادة وأهميتها وقيمتها مما يجعل المسلم يحرص على إدراك جميع صلاة الفجر، واستماع قراءة الصلاة من أولها بحضور قلب، هذا الشهود الذي يجعل المسلم لا سيما طلب العلم يحرص على هذا أشد الحرص بينه ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طريق الهجرتين، ابن القيم -رحمه الله- لما بين المنهج الذي يسير عليه أصحاب اليمين أو المنهج الذي يسير عليه المقربون هذه خطة لهؤلاء، وهذا منهج يسير عليه هؤلاء، وعلى طالب العلم أن يطلع على الطريقتين في طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم كتاب لا يستغني عنه طالب علم.
صلاة الصبح تطول فيها القراءة ومع الأسف نجد أو نسمع من يقرأ بقصار السور في صلاة السبح.
على كل حال الخلاف في مسألة القصر وحكمه خلافٌ معروف مشهور عند أهل العلم، يقول الحنفية بوجوبه، والجماهير على أنه رخصة على خلافٍ بينهم في الأفضل، وعرفنا أن المسافر هو المتلبس بالسفر بعد مفارقة عامر البلد له أن يترخص فيجمع بين الصلاتين ولو كان نازلاً، وإن كان الأفضل بالنسبة للجمع أن يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في منى، وأما بالنسبة للقصر فالأفضل له أن يقصر ما دام مسافراً ما لم يجمع الإقامة على ما سيأتي.