ولذا خرجه الشيخان البخاري ومسلم "أنها قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر" وكررت ركعتين لتفيد عموم التثنية لكل صلاة، ركعتين ركعتين، لكل صلاة ركعتين، لأنها لو قالت: فرضت الصلاة ركعتين في الحضر والسفر لفهم منه أنها في اليوم والليلة ركعتين، لكن لما قالت: ركعتين ركعتين .. ، لو قال مثلاً: أعطِ الطلاب ألفاً، جاب ألف ووزع على الطلاب، لكن لما يقال: أعطِ الطلاب ألفاً ألفاً مقتضاه أن يكون كل طالب له ألف، وهنا فرضت الصلاة ركعتين، لو قالت: ركعتين يعني في اليوم والليلة، لكن لما قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين يعني الخمس فرضت إلا ما استثني في رواية أحمد وغيره: "إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة"، في الحضر والسفر يعني إلا ما استثني، يبقى الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين "فأقرت صلاة السفر" يعني على الفرض الأول أبقيت على ما فرضت عليه ركعتين "وزيد في صلاة الحضر" حتى صارت أربعاً، وجاء الاستثناء في رواية أحمد وغيره: "إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة".
"فرضت" الجمهور على أن معنى (فرضت) قدرت صلاة السفر أو الصلاة عموماً في أول الأمر عموماً ركعتين ركعتين أقرت صلاة السفر على الفرض الأول وزيد في صلاة الحضر حتى صارت أربعاً، فمعنى (فرضت) قدرت على رأي الجمهور الذين لا يقولون بوجوب القصر على خلافٍ بينهم في الأفضل من القصر والإتمام، وعلى هذا فالقصر في السفر رخصة، وعرفنا فيما تقدم الفرق بين الرخصة والعزيمة، وعند الحنفية معنى (فرضت) وجبت، فالقصر عندهم واجب قصر الصلاة في السفر القصر واجب، وعند الجمهور رخصة وليس بواجب، هو أفضل من الإتمام عند أكثر من يقول بقول الجمهور، والإتمام عند بعضهم أفضل، وعلى كل حال ما دام رخصة الله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، وكلٌ من الفريقين يتمسك بالحديث "فرضت" ويؤيد تأويله بأدلة أخرى.
طيب هل القصر فرض عند الحنفية أو واجب؟ واجب وليس بفرض، إذاً كيف يتم لهم الاستدلال بقول عائشة: "فرضت" لماذا لا يقولون: إنه فرض؛ لأنه ثبت بدليل ظني وليس بدليل قطعي فليس بفرض، وإن كان لفظ الصحابي: "فرضت".