أنا أقول: إحالة سالم –السائل- ودعمه الجواب بفعل الناس بعرفة لماذا لم يحله إلى النصوص الثابتة؟ ليبين أن هذا الحكم باقٍ بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا مما يتفق عليه الناس كلهم الجمع بعرفة، لا سيما مع وصف السفر، يعني للمسافرين، والخلاف في جمع المكي بعرفة ومزدلفة معروف سيأتي -إن شاء الله تعالى-، يعني بعضهم يجعله للنسك، وهذا قول أبي حنيفة، فعلى هذا الذي لم يتلبس بنسك لا يجوز له أن يجمع، وبعضهم يقول: سببه السفر وهو قول الأكثر، وعلى هذا من كان مسكنه دون مسافة قصر من عرفة أو مزدلفة لا يجوز له أن يجمع، ستأتي في بابها -إن شاء الله تعالى-.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن علي بن حسين -زين العابدين بن علي بن أبي طالب- أنه كان يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر" واللفظ محتمل لأن يكون جمع تقديم، لا سيما إن سار بعد الزوال، أو جمع تأخير إن سار قبله "وإذا أراد أن يسير ليله جمع بين المغرب والعشاء"، "عن علي بن حسين أنه كان يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا مرسل؛ لأن زين العابدين تابعي -رحمه الله-، يقول ابن عبد البر: وهذا الحديث يتصل برواية مالك من حديث معاذ بن جبل وابن عمر، وهو عند جماعة من الصحابة مسنداً.

على كل حال الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء لوجود الوصف الذي علق عليه الجمع وهو السفر محل اتفاق بين أهل العلم باستثناء الحنفية الذين لا يجيزونه إلا بعرفة ومزدلفة، أو يجيزونه جمعاً صورياً على ما ذهبوا إليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: قصر الصلاة في السفر" هذه الرخصة الثانية للمسافر، وهذا من التيسير والتسهيل؛ لأن المسافر الذي الأصل في سفره المشقة، السفر قطعة من العذاب كما في الحديث الصحيح، بصدد أن يخفف عنه أردف القصر بالجمع لما يجمعهما من أن كل منهما رخصة للمسافر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015