"وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن ابن يربوع المخزومي -عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع نسب إلى جده هو تابعيٌ ثقة- أنه قال: سمعت زيد بن ثابت يقول: الصلاة الوسطى صلاة الظهر" جزم بذلك زيد لحديثٍ، لحديث: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي الظهر بالهاجرة، ولم تكن صلاة أشد على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها، فنزلت: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [(238) سورة البقرة] رواه أبو داود؛ ولأنها تقع في وسط النهار.

"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس كانا يقولان: الصلاة الوسطى صلاة الصبح" ابن جرير رواه عن ابن عباس بإسناد متصل من طريق عوف الأعرابي، عوف بن أبي جميلة عن أبي رجاء العطاردي عنه، وأما علي فالمعروف عنه أنها العصر، كما روى ذلك مسلم عنه في الصحيح "قال مالك: وقول علي وابن عباس أنها الصبح أحب ما سمعت في ذلك" وبه قال الشافعي أيضاً، والصحيح عند الحنابلة والحنفية أنها العصر، والمعروف عن أكثر الصحابة والتابعين، واختاره أكثر الشافعية أنها العصر، فالأكثر على أن الصلاة الوسطى صلاة العصر، وجاء ما يدعم ذلك من النصوص: ((حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) وحديث عائشة، حديث حفصة على الاحتمال مع وجود الواو، المقصود أن النصوص الواردة في صلاة العصر أكثر مما ورد في غيرها ((من ترك صلاة العصر حبط عمله)) ((من فاتته العصر كأنما وتر أهله وماله)) النصوص التي جاءت في صلاة العصر أكثر من النصوص التي جاءت في غيرها؛ ولأن قبلها صلاتين نهاريتين، وبعدها صلاتين ليلتين، فهي وسطى بالنسبة للوقت، إضافة إلى ما جاء في النصوص.

منهم من يقول: الصبح؛ لأن قبلها صلاتين بالليل وبعدها صلاتين بالنهار فهي وسطى، منهم من يقول: الوسطى المغرب بالنسبة لعدد الركعات وسطى بين الرباعية وبين الثنائية فهي وسطى، وعلى كل حال المسألة خلافية، والراجح ما يختاره أكثر الصحابة والتابعين وأكثر أهل العلم من أنها صلاة العصر.

سم.

"باب: الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015