لذا قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر فقال: إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: نعم" يعني صل معه "فقال الرجل: أيتهما أجعل صلاتي؟ " يعني الفريضة فريضة الوقت "فقال له ابن عمر: أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء" هذا جوابه، فيه توقف من ابن عمر ثم جزم بعد ذلك على ما سيأتي، فهل مثل هذا الكلام سائغ؟ يمكن أن يستدل به على مسائل إذا تردد فيها الإنسان أو قوي فيها الخلاف، مثلاً: يقرأ القرآن ويهدي ثوابه إليه، فيقال له مثلاً يقول له من لا يرى ذلك يقول: هذا يا أخي لم يرد به أثر، يقال له: هذا لم يرد به أثر، فيقول: الأمر إلى الله إن شاء صرف الثواب له وإلا رده إلي، حكمٌ عدل لن يضيع الثواب، فهل يمكن أن يقال مثل هذا؟ أو نرجع إلى القواعد الثابتة المقررة في الشرع ونجزم بالحكم الشرعي؟ يعني لو شخص قرأ القرآن وأهدى ثوابه لوالديه، فقال له من لا يرى ذلك؛ لأن من أهل العلم من يرى أن أي قربة فعلها وأهدى ثوابها لحيٍ أو ميت وصلت، هذا قول عند أهل العلم معروف، ومنهم من يقصر ذلك على الوالد، الوالد فقط، وليس منه قراءة القرآن، وهذه مسألة واقعة، فأهدى ثواب القراءة لوالديه وقال .. ، فقيل له فقال: الله -جل وعلا- لن يضيع السعي والعمل، إن قبلها للمهدى له وإلا ردها علي لن تضيع، هذه نظير مسألتنا، أو نقول: نرجح من خلال ما وردنا من أدلة والراجح هو الذي يعمل به ويفتى به، أيتهما شاء إن شاء جعل الأولى فريضة وإن شاء جعل الثانية، لكن يترتب على هذا أمور، التردد هذا لو تبين أن الأولى التي صلاها باطلة مثلاً صلاها بدون طهارة ناسياً هل نقول: إن الله -سبحانه وتعالى- جعل الثانية مكانها؟ أو نقول: الأولى هي الفريضة باطلة والثانية نافلة أو العكس؟ يعني رد .. ، كونك تكل الأمر إلى الله -عز وجل- في أمرٍ متردد فيه بين أمرين ومحسوم بالشرع، قال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها، فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى التي هي الفريضة، ومقتضاه أن يصلي الصلاتين بنية الفرض، مقتضى كلام ابن عمر أنه يصلي الصلاتين بنية الفرض، ولو صلى إحداهما بنية النفل لم يشك