أقول: هذا الكلام الذي أبداه من يقول بعدم وجوب صلاة الجماعة إنما يرد على قول من يقول: إن صلاة الجماعة شرط؛ لأنها إذا كانت شرط فصلاة الفذ باطلة ليس فيها فضل البتة، لكن الذي يقول: هي واجبة يأثم بتركها، وإذا صلاها منفرد أجزأته، أسقطت الطلب، وترتبت عليها آثارها من الأجور الموعود عليها، لكن أجرها أقل من أجر .. ، ولا يمنع أن يكون أيضاً مع هذه الأجور آثم؛ لأنه يكون مأجور من وجه، وآثم من وجه، يعني صلاة من صلى وفي يده خاتم ذهب صلاته صحيحة ومسقطة للطلب، وأجرها ثابت، لكن يبقى أنه آثم بسبب ما ارتكبه من المحظور، وهنا آثم بسبب ما أخل به من المأمور الواجب، فلا يرد مثل هذا على من يقول بالوجوب عند من لا يبطلها، الذي يرى أن الجهة منفكة الذي لا يبطلها؛ لأن معروف الخلاف فيها قوي.

الحديث الذي يليه: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده)) " هذا قسم من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيجوز الحلف على الأمور المهمة من غير استحلاف، من غير طلب لليمين إذا كان الأمر مهم يحتاج إلى تأكيد ((والذي نفسي بيده)) ((نفسي)) معناها: روحي، و ((بيده)) فيها إثبات اليد لله -عز وجل- على ما يليق بجلاله وعظمته، وأكثر الشراح يقولون: "روحي في تصرفه" ولا شك أن أرواح العباد في تصرف الله -جل وعلا-، في تصرف الله -عز وجل-، لكن بعضهم يقول ذلك فراراً من إثبات اليد لله -عز وجل-، وهي ثابتةٌ بنصوص الكتاب والسنة القطعية، لا مجال لنفيها، على ما يليق بجلاله وعظمته.

((لقد هممت)) (اللام) واقعة في جواب القسم ((لقد هممت)) الهم مرتبة من مراتب القصد.

مراتب القصد خمسٌ هاجسٌ ذكروا ... فخاطرٌ فحديثُ النفس فاستمعا

يليه همٌ فعزمٌ كلها رفعت ... إلا الأخير ففيها الأخذ قد وقعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015