الإدراك هنا، إدراك الفضل، فضل الصلاة، وإدراك الجماعة، وإدراك الوقت، ويدخل في ذلك صلاة الجمعة؛ لأنها صلاة، فتدرك صلاة الجمعة بإدراك ركعة، تدرك الجماعة بإدراك ركعة، ويحصل له الأجر المرتب على حضور الجماعة، وهي تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة أو بخمس وعشرين درجة، إلا أن هذه الدرجات متفاوتة، فمدرك الصلاة كلها يختلف أجره عن مدرك بعضها، ولذا قال بعضهم للتوفيق بين الروايات السبع والعشرين والخمس والعشرين: أن السبع والعشرين لمدرك الجماعة كلها، الصلاة كلها مع الإمام، والخمس والعشرين لمدرك البعض، وهناك أجوبة أخرى تأتي في محلها -إن شاء الله تعالى-.
المقصود أن الحديث يشمل ما يحتمله لفظ الإدراك من معنى، أو من معاني، فقد أدرك الصلاة، أدرك فضلها أدرك وقتها، أدرك الجماعة، أدرك الجمعة لأنها صلاة، في صحيح مسلم من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة زيادة مع الإمام: ((من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام)) وهذه الرواية ترجح أن المراد إدراك الجماعة، وإدراك الجماعة محل خلاف بين أهل العلم، والأكثر على أنها تدرك بإدراك أي جزء منها، وأشرنا إلى ذلك بالأمس، حتى قالوا: إن من كبر تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس؛ لأنه أدرك جزءاً منها، لكن هذا الحديث صريح في أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، والركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع قد يقول قائل: إذا فاتت الجماعة جئت والإمام جالس في التشهد الأخير أو في السجود في الركعة الأخيرة، إذاً فاتت الجماعة، نقول: لا تدرك الجماعة إلا بإدراك ركعة؛ لأن الركعة أقل ما يطلق عليه صلاة، وهنا: ((من أدرك ركعة)) وجاء في صحيح مسلم: "سجدة"، والسجدة إنما هي الركعة كما أشرنا بالأمس.
يقول: أدخل مع الجماعة أو أصلي منفرد أو أنتظر لعل الله أن يأتي بجماعة لأدرك الجماعة بيقين؟ فماذا يقال له؟ ينتظر ليدرك الجماعة بيقين أو يصلي ما أدرك ويقضي ما فاته ((وما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا))؟ نعم يعني يغلب على ظنه، ليدرك الجماعة بيقين، وإن غلب على ظنه أنه لا يوجد جماعة أخرى يدخل مع الإمام.