على كل حال حفصة عليها خمار رقيق، فشقته عائشة؛ لئلا تعود إلى لبسه مرة ثانية، وكستها خماراً كثيفاً، يغطي شعرها وبشرتها؛ لئلا يفتتن بها الرجال، وإن كانت غير مكلفة، وعلى كل حال سواءً كانت مكلفة أو غير مكلفة ممن تلفت أنظار الرجال لا بد من حجبها عنهم.
قال: "وحدثني عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قال: "نساء كاسيات عاريات" هكذا موقوف عند أكثر رواة الموطأ، لكنه موصول في بعض روايات الموطأ، وهو موصول أيضاً في صحيح مسلم، مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسلم.
قال: "نساء كاسيات عاريات" كاسيات من نعم الله -جل وعلا-، عاريات عن شكرها، أو كاسيات بالألبسة العرفية، لكنهن عاريات عن حقيقة الاكتساء الشرعي، بلبس الضيق أو الشفاف أو القصير أو ما أشبه ذلك، هذه وإن كانت تزعم أنها كاسية إلا أنها عارية حكماً.
"كاسيات عاريات، مائلات مميلات" مائلات إلى مثل هذه الأمور الفاتنة، مميلات إلى الرجال إليهن، أو مائلات عن الحق مميلات لغيرهن من بنات جنسهن إليه، ومنهم من يحمل ذلك على ما هو أعم من هذا، مما ذكر فيشمل إمالة كل شيء بالنسبة للمرأة.
وتجدون فيما يزاوله النساء سواءً كان في ثيابهن أو أبدانهن، أو أصباغهن أو شعورهن، ما فيه ميل إلى جهة من الجهات، أكثر من الجهات الأخرى، ولا شك أن هذا من أعلام النبوة، تجدون القصة مائلة، والشعر التسريحة مائلة، كل شيء فيه ميل، والله المستعان.
"لا يدخلن الجنة" من أجل هذا التبرج الذي نهيت عنه المرأة المسلم، {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [(33) سورة الأحزاب] ومر علينا في درس التفسير أن من تبرج الجاهلية الأولى شق القميص من الجانبين، وانظر ترى في نساء المسلمين اليوم، بما في ذلك من فيهن شيء من الصلاح، أو من نساء بعض الصالحين، تجد الشق من الجانبين أحياناً إلى منتصف الساق، وأحياناً يصل إلى الركبة، وقد يزيد على ذلك لا سيما في مجتمعات النساء ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة)) هذا تبرج الجاهلية الأولى، وهذا ضرب منه.