((ولا تنافسوا)) المنافسة المذمومة هي المنافسة في أمور الدنيا، ومعلوم أن المنافسة إذا وجد أطراف يتنافسون في أمور الدنيا لا شك أنهم يسترسلون في أمور الدنيا، ويغفلون عما خلقوا من أجله، لكن المنافسة في أمور الدين والعبادة مطلوبة، والمسارعة والمسابقة كلها مطلوبة، لكن في أمور الدنيا تمنع لما يترتب عليها؛ لأن الإنسان في وقت المنافسة يريد أن يحصل على أكبر قدر من صاحبه بأي وسيلة كانت، فتجده يستغل الوقت، وتجده يستغل الوسائل التي تكسبه هذا المتنافس عليه سواءً كان بحق أو بغير حق.
((ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا)) كله على تنافسوا، منافسة مفاعلة ومحاسدة، كل واحد يحسد الثاني، ولو حصل من طرف واحد دخل في المنع، وعرفنا أن الحسد هو تمني زوال النعمة عن الغير، وعرفنا أنه إذا كان هذا الغير يستعملها فيما لا يرضي الله، ويؤذي الناس، ويفسد على الناس أديانهم فإن مثل هذا لا مانع من تمني زوال النعمة عنه.
((ولا تحاسدوا)) أما الغبطة تمني مثل مال الغير هذه لا تدخل في هذا النهي ((لا حسد إلا في اثنتين)).
((ولا تباغضوا)) هذا تقدم، ((ولا تدابروا)) كذلك، ((وكونوا عباد الله إخواناً)).
قال -رحمه الله-: "وحدثني عن مالك عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني" هكذا أورده الإمام مرسلاً، وإن شئت فقل: معضلاً كما قاله المنذري "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصافحوا يذهب الغل)) ".
((تصافحوا)) المراد كل واحد يفضي إلى أخيه بصفحة يده، يعني بطون الأصابع مع الراحة على الطريقة المأثورة، فالمصافحة وسيلة إلى إذهاب الغل من القلوب، والحقد، والحديث هنا معضل، مرسل، وهو يتصل من وجوه عند ابن عدي، والأصبهاني في الترغيب، وأما قوله: ((تهادوا تحابوا)) فهذا في الأدب المفرد عند الإمام البخاري بسند حسن، والحديث بكامله من حديث أبي هريرة عند ابن عساكر، أيضاً سنده لا بأس به، فبمجموعه وما يشهد له يصل إلى درجة الحسن لغيره.
((تصافحوا يذهب الغل)) المصافحة معروفة، وهناك استعمالات كثيرة للمصافحة، في بعض البلدان تختلف عن بعض، لكن مع ذلك هي الأمر المتوارث من القدم هي الإفضاء بصفحة اليد، يعني داخل اليد إلى صفحة يد أخيه.