فهنا: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)) ما المراد بالحديث هنا؟ يعني ما يتحدث به أكذب الكلام؟ هذا ليس بكلام، هو ظن في النفس، فهو أكذب حديث النفس؛ لأنه يوجد في الحديث الذي يتحدث به ما هو أعظم من الظن، الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [(12) سورة الحجرات] مفهومه أن البعض الثاني ليس بإثم، وهناك مما يتحدث به ما هو شر من مجرد ظن، هناك قطع، وهو أشد من الظن، إذا ظننت بأخيك أو غلب على ظنك أو شككت في أخيك في أمر من الأمور أسهل من كونك تجزم، وترتب الآثار على هذا الجزم، فكونه أكذب الحديث المراد به حديث النفس؛ لأنه ما يزال يتردد في النفس، الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [(12) سورة الحجرات] لو قال قائل: إن بعض الظن ليس بإثم، يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم؟ يُستفصل، إن كان يقصد ما أثبته الله -جل وعلا- البعض الذي أثبته الله وأنه إثم، قال: ليس بإثم، هذا تكذيب لله -جل وعلا-، الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [(12) سورة الحجرات] وهو يقول: إن بعض الظن ليس بإثم، إن كان يريد ما أثبته الله -جل وعلا- هذه مصادمة وتكذيب لله -جل وعلا-، وإن قال: لا، أنا أريد .. ؛ لأنه قد يوجد الآن من يكتب كتابات موهمة ثم بعد ذلك قد يحكم عليه بالردة بسببها، إلا أنه إذا وجد الاحتمال يستفصل في مثل هذا، ما مرادك بالظن الذي أثبت أنه ليس بإثم؟ والله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [(12) سورة الحجرات]؟، إن قال: أنا أريد البعض الذي لا يريده الله -جل وعلا-، بل البعض الذي يفهم مفهوم مخالفة مما ذكر، قلنا: كلامك صحيح، لكن إن قال: إن الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [(12) سورة الحجرات] وأنا أقول: ليس بصحيح، إن بعض الظن ليس بإثم، ويريد ما أثبته، نقول: لا، أنت ترتد بهذا، مكذب لله -جل وعلا-، هذه ردة، فمثل هذا يحتاج إلى استفصال.

((فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا)) هما في هذا السياق مترادفان، معناهما واحد؛ لأنهما سيقا على جهة المنع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015