"ولا تكثر علي فأنسى، وأعيش بهن" يعني أنتفع بهن في معيشتي في ديني وفي دنياي "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تغضب)) " وأي نصيحة أبلغ من هذه النصيحة، وكم للغضب من آثار على الشخص نفسه، وعلى غيره، والغضب مؤثر تأثيراً بالغاً في صحة الإنسان، وله أيضاً آثار متعدية تصل إلى حد القتل، تصل إلى حد القذف، تصل إلى حد أن يقول كلمة لا يلقي لها بالاً أثناء غضبه يهوي بها في النار سبعين خريفاً -نسأل الله السلامة والعافية-، وكمن إنسان شتم الدين بسبب الغضب، وكمن إنسان وقع في عظائم الأمور بسبب الغضب، ولذا الغضب من الشيطان، فإذا وجده الإنسان فليغير وضعه، إن كان واقفاً فليجلس، وإن كان جالساً فليضطجع أو ليقف، المقصود أنه يغير وضعه، وإن توضأ؛ لأن حرارة الشيطان إنما تطفأ بالماء.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس الشديد)) " ليس الشديد القوي ((بالصرعة)) يعني الذي يصرع الناس ليس هذا هو الشديد، ليس هذا هو القوي، ليس هذا الذي يمدح بقوته، جاء في الحديث الصحيح: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) وما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- الرجل القوي، قال: المؤمن، يعني القوي في إيمانه، ((خير من المؤمن الضعيف)) في إيمانه، ويتبع ذلك ما يتطلبه الإيمان من قوة في البدن، وإعداد للعدو، وما أشبه ذلك، هنا يقول: ((ليس الشديد بالصرعة)) الذي يصرع الناس، وهذا البناء صرعة لاسم الفاعل صرعة، يعني ضحكة، همزة، لمزة، الذي يصرع الناس، لمزة الذي يلمز الناس، همزة الذي يهمز الناس.
بعض التراجم، تراجم الأئمة يقولون: الإمام العالم، المتفنن، الرُحْلة، رُحْلة، هذا اسم المفعول، يعني يرحل إليه، ورُحَلة يعني يرحل اسم الفاعل.
((إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) يستعيذ بالله من الشيطان، ويتوضأ ويترك هذه الآثار المترتبة على الغضب، ولا يرتب عليه ما يتطلبه الغضب عند دخول الشيطان من قتل، من سفك دم، من كلام بذيء، كثيرا ًما يحصل الطلاق بسبب الغضب، ثم بعد ذلك الندم، وكلام أهل العلم في طلاق الغضبان معروف.