يقول: "وحدثني عن مالك عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي عن زيد بن طلحة بن ركانة يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" وهو مرسل "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لكل دين خلق)) " يعني الأديان السماوية جاءت للأمم بالخير واتقاء الشر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، -عليه الصلاة والسلام-.
قال: ((لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء)) خلق الإسلام الحياء، ولذلك تجد المسلم يستحيي من ذكر أشياء لا يخجل عن ذكرها غير المسلم مما يستحيا منه شرعاً أو عرفاً، فخلق هذا الدين الحياء، وجاء في الحديث الصحيح: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) فدل على أن الحياء متوارث في سائر الأديان، لكنه في هذه الديانة -في الإسلام- برزت مظاهره ومعالمه أكثر، وصار شأنه في هذا الدين أعظم.
في الحديث الصحيح: "إن الله لا يستحيي من الحق" وفي الآية {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً} [(26) سورة البقرة] "إن الله لا يستحيي من الحق" إيش معنى "لا يستحيي من الحق" يعني يشيع على ألسنة الناس: لا حياء في الدين، هذا الكلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟
طالب: ليس بصحيح.
يعني إن كان القصد منه في مسائل الدين كما قالت أم سلمة: "إن الله لا يستحيي من الحق" يعني في مسائل الدين، يعني لو أردت أن تسأل عن مسألة لا حياء فيها، على هذا الوجه يمكن حمله صحيح، لكن إذا كان نفي للحياء بالكلية عن الدين أبداً هذا العكس، الحياء كله خير، وخلق الإسلام الحياء.
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً} [(26) سورة البقرة] إيش معنى لا يستحيي؟ يعني لا يترك؛ لأن مآل الحياء الترك، فالحياء الذي يؤدي إلى ترك الحق منفي عن الله -جل وعلا-.