"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: "ألا أخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى قال: إصلاح ذات البين" لأن الصلاة نفعها قاصر، والمقصود من الصلاة النافلة، وإلا الفريضة لا يعدلها شيء من الأركان، فضلاً عن الواجبات، الفريضة لا يعدلها شيء، وإن كان نفعها قاصراً إلا أنها الركن الثاني بعد الشهادتين، والصدقة نفعها لا شك أنه متعد؛ لكنه آني، تتصدق على إنسان بدرهم أو دينار، يأكله فينتهي منه، نعم، ونفع متعدي، ولا شك أن ثوابه عظيم، لكن إصلاح ذات البين، رجل مع زوجته تدابرا وتقاطعا، وقرب أمرهما من الفراق تصلح بينهما، هذا من أعظم الأمور، والإصلاح بين الناس صدقة، أو أخوان تقاطعا من ذو سنين بسبب إرث، أو وقف، أو ما أشبه ذلك، أو ابن مع ابنه، أو ابن مع أبيه، وهكذا.

قال: "إصلاح ذات البين" لأنه نفع متعد ودائم، وأما الصلاة فنفعها قاصر، والصدقة نفعها متعد، لكنه منقطع.

"وإياكم والبغضة" البغضة شدة البغض والحقد على الناس، تحمل بغضاً للناس، وحقداً عليهم، وتتربص بهم، وتفرح إذا أصيبوا، وقد يظهر من ملامح وجهك شيء من ذلك، فلا شك أن هذا من الأمور المحذر منها، المكروهة لدى الشرع.

"إياكم والبغضة فإنها هي الحالقة" الحالقة التي تحلق الدين وتستأصله، كما يحلق الموسى الشعر، ولذا جاء في الحديث المرفوع: ((لا أقول: تحلق الشعر، وإنما تحلق الدين)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015