. . . يفضي إلى الإثم، ما لم يكن إثماًَ، يعني يفضي إلى الإثم، فيختاره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعمل به، وعمل به الصدر الأول، ثم بعد ذلك شق على بعض الناس، مما جعلهم يتركونه لشدته عليهم، يفضي في مثل هذه الحالة إلى الحرج، كما أسف وندم على دخوله البيت -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في هذا شق على أمته، يعني لو تضافر المدح، مدح دخول البيت وفعل دخول البيت، لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث عليه مع كونه دخله، ألا يقتتل الناس على دخوله؟ يعني لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رمضان مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) في رواية: ((حجة معي)) يعني لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رمضان تقاتل الناس عليه، لكن لما ما اعتمر، وحث عليه، ولم يعتمر، كثير من الناس يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، وأكمل الخلق ما اعتمر، فيصير في شيء من التخفيف على الأمة، لكن لو تضافر القول والفعل لاقتتل الناس عليه، ولذلك ندم -عليه الصلاة والسلام- على دخول البيت.
"فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه" -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه معصوم من ارتكاب الإثم، ومع ذلك يكره ما يكرهه الله -جل وعلا-، فهو أشد الناس كراهية لما يكرهه الله -جل وعلا-؛ لمنزلته عند ربه، والموافقة في المحاب والمكاره، لا شك أن هذا دليل المحبة.
"وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه" نعم أساء بعض الناس الأدب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بلغه ومع ذلك ما انتقم.
"ما انتقم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله" قد يقول قائل: لماذا حد الذين خاضوا في الإفك، أليس هذا انتقام للنفس؟ نقول: لا، هذا انتهاك حرمة؛ لأن القذف كبيرة من كبائر الذنوب، وفيها الحد، فهذا ليس انتصاراً لنفسه، وإنما هو لأنها انتهكت حرمة الله -جل وعلا-، فينتقم لله بها، وأمر بقتل ابن خطل، وهو متعلق بأستار الكعبة، وكان يهجو النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسب الدين، ولسبه للدين ولكونه ارتد عن الإسلام استحق القتل، لا لأنه سب النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون منتصراً لنفسه.