وفي كتب الأدب التي هذه صفتها مما يعنى به أهل العلم، وإن كان فيها ما فيها، لكن يكون الإنسان على حذر منها، ويستصحب النصوص، ويجعلها هي الحادي والسائق والقائد، ثم بعد ذلك يستفيد من هذه الكتب كما يقول أهل العلم من باب استجمام النفس، وترويح النفس، ويمر فيها في أثنائها بعض الفوائد التي يحتاجها طالب العلم، وكتب التواريخ إذا سلمت من الكذب وعرف ثقة مؤلفيها أنفع من كتب الأدب في هذا الباب، وأكثر فائدة؛ لأن فيها العبرة، يعتبر طالب العلم بما مضى بسنن الله -جل وعلا- الكونية في السابقين واللاحقين التي لا تتغير ولا تتبدل، هذه محل عبرة، لكن بعض المؤرخين لا يتورع عن الكذب أو نقل الكذب، وهنا تكمن المشكلة، وعلى كل حال المقصود بالأدب عندنا الأدب الشرعي، واستمداده من نصوص الكتاب والسنة، نعني حسن الخلق من نصوص الكتاب والسنة، وأقاويل سلف هذه الأمة، والكلام في هذا الباب كثير عند أهل العلم، منظوم ومنثور، فلو رجعنا إلى الآداب الشرعية لابن مفلح، أو غذاء الألباب شرح منظومة الآداب، الشرح للسفاريني والنظم لابن عبد القوي، ومنظومة الشيخ حافظ الحكمي الميمية في الوصايا والآداب العليمة اشتملت على كثير من مسائل هذا الباب، يقول:
باب ما جاء في حسن الخلق:
"وحدثني عن مالك أن معاذ بن جبل قال: "آخر ما أوصاني به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين وضعت رجلي في الغرز أن قال: ((حسن خلقك للناس يا معاذُ بنَ بن جبل)) ".
الأحاديث التي جاءت مرسلة سواءً كانت مما حذف من آخرها أو صارت بلاغات من مالك أو غير ذلك كلها وصلها ابن عبد البر في التمهيد، كلها وصلها، سوى أربعة أحاديث هذا آخرها، التي لم يستطع ابن عبد البر أن يصلها، وأن يجدها موصولة في كتاب من الكتب المعتبرة، على أن ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- وصل هذه الأحاديث الأربعة، فصارت الأحاديث كلها موصولة، لكن لا يعني أنها صحيحة إذا تم وصلها فقد توصل بأسانيد صحيحة، وقد توصل بأسانيد حسنة، وقد توصل بأسانيد ضعيفة.