قال: "وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أنه يقال: الحمد لله الذي خلق كل شيء كما ينبغي" خلق كل شيء كما ينبغي يعني أحسن خلقه "على ما أراده الله -جل وعلا-" فخلق الله كله على ما أراد، وكله حسن، لكن الحسن نسبي، الحسن لبني آدم شيء، والحسن للطيور شيء، والحسن لكل فصيلة شيء، فخلق الله كله حسن، {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ} [(7) سورة السجدة] فكل نوع أو كل جنس أو كل فصيلة من نوع حسنها مناسب لها "الذي لا يعجل شيء أناه وقدره" يعني قدر تأخره، لا يمكن أن يعجل، يعني أنت قدر لك أن تولد في اليوم الفلاني لا يمكن أن تولد قبله بلحظة، في الساعة الفلانية، قدر لك أن تموت في اللحظة الفلانية لا يمكن أن تموت قبلها، "الذي لا يعجل شيء أناه" يعني أخره، وقدره متأخراً لا يمكن أن يعجل عن وقته، ولذا فالدعاء بمثل .. ، دعاء الإنسان أنه .. ، أو تمنيه أنه لم يوجد في هذا الوقت، إما قبله أو بعده هذا لا قيمة له، نعم يحب الخير لنفسه، ويحب أن لو وجد في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- لينصره، لكنه لا يعترض على ما قدر الله له، وما يدريك أنك قد توجد في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وتكون من المنافقين؟ ما تدري أنت، على الإنسان أن يرضى بما كتب له، وأن يجزم أنه لا يستطيع أن يتقدم ولا يتأخر لا في الولادة ولا في الوفاة، ولا في المجيء ولا في الذهاب، ولو كان محل لو وجد صاحب محل تجاري تأخر في يوم من الأيام أخذه النوم، وما خرج إلى المحل إلا في التاسعة صباحاً، والعادة أنه يخرج في السابعة، فقيل له: فاتك، جيء بالبضاعة الفلانية وبيعت، وتقاسمها الناس، وتقاسموا أرباحها، يعني هل يستطيع أن يغير من الواقع شيء؟ أراد الله -جل وعلا- تأخرك، فلا يمكن أن تستقدم ولا تتأخر عن هذا الوقت.
"الذي لا يعجل شيء أناه، وقدره، حسبي الله وكفى" يعني كفاني في جميع أموري، والحاسب هو الكافي، حسبنا الله ونعم الوكيل، هذه خير ما يقال في الشدائد، قالها إبراهيم حينما ألقي في النار، وقالها محمد -عليه الصلاة والسلام- حينما قيل له: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم.