((فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه)).
وحدثني يحيى عن مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم عن طاوس اليماني أنه قال: أدركت ناساً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون: كل شيء بقدر.
قال طاوس: وسمعت عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل شيء بقدر حتى العجزَ والكيس ... ))
العجزِِ.
أحسن الله إليك.
العجزِ.
أحسن الله إليك.
((حتى العجز والكيس، أو الكيس والعجز)).
وحدثني مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- يقول في خطبته: "إن الله هو الهادي والفاتن".
وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك أنه قال: كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- فقال: ما رأيك في هؤلاء القدرية؟ فقلت: رأيي أن تستتيبهم فإن تابوا وإلا عرضتهم على السيف، فقال عمر بن عبد العزيز: "وذلك رأيي".
قال مالك: وذلك رأيي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب القدر:
هذا الكتاب المضاف إلى القدر لا شك أنه من أهم الأبواب؛ لأهمية ما يذكر فيه، وأهمية ما يذكر فيه باعتبار أنه من أغمض الأبواب وأخفاها، بل هو سر الله في خلقه، وهو مزلة الأقدام، ومضلة الأفهام، زلت الأقدام من قبل طوائف من المسلمين، وأقدموا على نفي القدر، نفوه بالكلية، وقالوا: إن الله -جل وعلا- لا يعلم الأشياء قبل وجودها، وأن لا قدر، وأن الأمر أنف، يعني مستأنف، ويقابلهم طائفة غلوا في إثبات القدر، فجعلوا العبد مسلوب الحرية والإرادة، والأولون جعلوه حراً مختاراً، اختياراً كاملاً مستقلاً، يستقل بفعل نفسه، يقابلهم الجبرية الذين قالوا: لا يتصرف في شيء من نفسه، وهو مجبور على جميع أفعاله وحركاته، إنما هي كحركات ورق الشجر في مهب الريح.