"وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان أن نافع بن جبير بن مطعم كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة" يعني هو لا يقرأ فيما جهر به، "قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك"، يعني موافقة ما ذكر، أو من ذكر، وهو اجتهاده -رحمه الله-، وافق اجتهاد هؤلاء التابعين فيما فعلوه، وترجم بمفهوم ذلك، ترجم بالمنطوق في هذه الترجمة، وترجم بالمفهوم بالترجمة التي تليها، فقراءة الفاتحة جاء فيها حديث عبادة بن الصامت، وهو أصل في الباب: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) هذا دليل على أن الصلاة التي لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب أنها منفية، وإذا تردد النفي ((لا صلاة)) على الصلاة الشرعية وغيرها فالمفهوم من ألفاظ الشرع الحقائق الشرعية، المنفي الحقيقة الشرعية للصلاة، فدل على أن الصلاة لا تصح إلا بفاتحة الكتاب، وفاتحة الكتاب ركن من أركان الصلاة عند جماهير أهل العلم خلافاً للحنفية الذين يرون أنها لا تتعين قراءة الفاتحة، بل يكفي ما تيسر.
هؤلاء الجمهور الذين يرون أنها ركن لا يختلف في أنها ركن بالنسبة للإمام والمنفرد، والخلاف بينهم بالنسبة للمأموم، فمنهم من يرى أنها تجب على كل مصلٍ، يعني ركن بالنسبة لكل مصلي إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق، في كل ركعة، إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق، عندنا أربعة، وهذا معروف من رأي أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهو اختيار الإمام البخاري والشوكاني، فعلى هذا إذا جاء والإمام راكع أو قبل الركوع، ولم يدرك قراءة الفاتحة ما أدرك الركعة لحديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)).