التركة ما يتركه الميت من مال ونحوه، هذه تركة، فهي بمعنى متروكة.
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ولا خبر عندهن من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا نورث)) "أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق" لأنه هو الذي تولى الأمر بعده -عليه الصلاة والسلام- "فيسألنه ميراثهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت لهن عائشة" التي سمعت ما لم يسمعن، وحفظت ما لم يحفظن "فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))؟ " فالأنبياء لا يورثون، وليس همهم جمع الدنيا، حتى قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما يسرني أن لي مثل أحد هذا ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) فالأنبياء ما بعثوا جباة، ولا بعثوا مكتسبة مرتزقة يجمعون الأموال، إنما بعثوا لتبليغ الدين، والحرص على هداية الناس، ولذا لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فالوارث الحقيقي للنبي هو العالم، وكل له نصيبه ممن يسعى ويجتهد مخلصاً لله -جل وعلا- من هذا الإرث، أما بالنسبة للأموال وحطام الدنيا فلا يورث النبي، وأما قول زكريا: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(5 - 6) سورة مريم] فالمراد به ميراث النبوة، لا ميراث المال.
قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقتسم ورثتي دنانير)) " يعني أي شيء من أمور الدنيا، لا دنانير ولا دراهم ولا عقار ولا بيوت ولا رباع ولا غيره ((لا يقتسم ورثتي دنانير، ما تركت بعد نفقة نسائي، ومئونة عاملي فهو صدقة)) يعني يتصدق به؛ لأنه لا يورث، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.