حدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إذا كثر الخبث)).
وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: "كان يقال: إن الله -تبارك وتعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة
عموم الناس ولو لم يفعلوا المعاصي، يعني إنما فعله بعضهم وسكت الباقون، أو أنكر بعضهم وسكت بعضهم على ما جاء في آية الأعراف؛ لأن من الناس من يفعل المعاصي، ومنهم من ينكر، ومنهم من يسكت، الذين أنكروا {أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} والذين فعلوا المعاصي {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [(165) سورة الأعراف] فماذا عن الذين سكتوا؟ ابن عباس يقول: سكتوا فسُكت عنهم، فهل نجوا وإلا أخذوا؟ نعم؟
طالب: أخذوا؟
أخذوا، لماذا؟ لأنهم عصاة؛ لأنهم تركوا فريضة من فرائض الإسلام، وهي الأمر والنهي، هذا الذي يظهر من القواعد العامة، ومن النصوص الأخرى، لكن مقتضى بعضهم أنا أخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس فقط، التنصيص عليهم يدل على أن من عاداهم سلم.
على كل حال الساكت مع إمكانه أن ينكر بيده أو بلسانه لن ينجو؛ لأن بني إسرائيل إنما لعنوا بتركهم الإنكار، {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(79) سورة المائدة] فاستحقوا اللعن، ومسخوا قردة وخنازير؛ لأنهم فعلوا المنكر علناً، ولم ينكر بعضهم على بعض، والذين أنكروا نجوا.