قال: ((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)) المناصحة لا بد منها، وإذا لم يناصح ولم يبين له كيف تستقيم الأمور إذا كان الديدن غشه بالثناء الكاذب، هذا أهل العلم يؤكدون على مثل هذا، أنه من الغش لولي الأمر أن يثنى عليه ثناءً كاذباً أنت فعلت وتركت، وما أدري ويش؟ ويغطى عنه الجانب الآخر، بل العكس نصيحته هي التي تنقذه من عذاب الله -جل وعلا-، وتنقذ غيره، فالنصح لا بد منه، لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في الأسلوب الحصري قال: ((الدين النصيحة)) لكن بالشرط الذي اتفق عليه أهل العلم، لا يترتب على ذلك مفسدة أعظم، إذا ترتب على ذلك مفسدة أعظم ما حققت النصيحة ولا حققت الأمر والنهي الفائدة المرجوة منه.
قال: ((ويسخط لكم قيل وقال)) يعني كثرة الكلام، قيل كذا، وقال فلان كذا، وكفى بالمرء إثماً أو كذباً أن يحدث بكل ما سمع، تجد الإنسان يفرح بأي خبر من أجل أن يروج به، وينفق، وتتسع له مجالس الناس، إذا جلس والله فلان -ما شاء الله- يسولف ما شاء الله، وعنده أخبار، وعنده علوم، وتجد فلان يلزم عليه، وأنت من المبطئين ما شفناك، وأنت ما سيرت، وتجده من مجلس لمجلس من أجل إيش؟ أنه قيل وقال، كأنه إذاعة، ما يسكت أبد، ولو يقول: لا إله إلا الله من دون أن يتعرض لهم بشيء استثقلوه، إذا كان هذه عادته، وهو مرغوب من أجل هذا، فكيف إذا أنكر عليهم شيئاً يكرهونه، والحق ثقيل على النفوس، يمكن ما يدعى مرة ثانية.
((ويسخط لكم قيل وقال)) وفي هذا الحديث صفتي الرضاء والسخط لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته ((يسخط لكم قيل وقال)) هذا في المباح، فكيف بالحرام؟ ((وإضاعة المال)) أنت مؤتمن على هذا المال، ليس لك، بل هو مال الله، لا يجوز لك أن تضيعه، ولا تؤتيه السفهاء ((وإضاعة المال، وكثرة السؤال)) كثرة السؤال فيما لا يعني، في أمور الدين، في أمور الدنيا، سؤال عن أمور غيبية، سؤال تعنيت، سؤال إحراج، سؤال عن أمر لا يمكن أن يقع يدخل في هذا، وإلا السؤال الذي وراءه الفائدة جاء الأمر به {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل].