قال: "وحدثني مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقرب إليه عشاؤه، فيسمع قراءة الإمام وهو في بيته، فلا يعجل عن طعامه حتى يقضي حاجته" هذا محمول على أنه كان محتاجاً مضطراً إلى هذا الطعام، يعني كما جاء: ((إذا حضر العَشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء)) نعم هذا عند الحاجة إليه، ولا يعمد إلى أن يكون هذا عادته وديدنه كلما قربت الإقامة قد يأكل إلى أن يفرغ الناس من الصلاة، وهذا محمول هذا أيضاً على أمر يسير خفيف، يمكن أن يتناول مع ذلك تدرك الصلاة، أما أن تضيع الصلوات مع الجماعة بسبب الأكل ويكون هذا ديدن المسلم فلا، إلا إذا احتاج إلى ذلك، واضطر إليه، فالنص دال عليه، النص المرفوع دال عليه.
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن ميمونة زوج النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي خالة ابن عباس على ما تقدم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الفأرة تقع في السمن؟ فقال: ((انزعوها وما حولها فاطرحوه)) " يعني إذا كان جامداً هذا واضح؛ لأنها تلزم مكاناً واحداً، حتى ولو ماتت يلقى ما حوله، لكن إذا كان مائعاً وهي تسبح وماتت وهي تدور فيه، غرقت فيه ما ماتت، فما الحكم؟ منهم من يقول: إن حكم المائع والجامد واحد، والفأرة طاهرة وليست بنجسة، ومع ذلك إذا ماتت في المائع فالذي قبل مكان الموت طاهر ما له علاقة، فتؤخذ ما حوله، فلا يفرق لا طرداً ولا عكساً لا بين المائع ولا الجامد.
ومنهم من يفرق فيقول: الجامد تلقى وما حولها؛ لأنها لن تغوص فيه، ولن تؤثر فيه كثيراً بخلاف المائع فإنها قد تجوبه، وتمر على جميع أجزائه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.