"فرفع يده فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: ((لا)) " يعني مثلما قال عن الثوم والبصل، قيل: أحرام هما يا رسول الله؟ قال: ((لا، أنا لا أحرم ما أحل الله)) فمن جهة أنه حلال داخل في {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [(157) سورة الأعراف] وجاء تسمية هاتين الشجرتين الخبيثتين، وبهذا استدل ابن حزم على تحريم أكل الثوم والبصل، {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] مع أن الخبيث يطلق ويراد به المحرم، ويطلق ويراد به الأدنى من الطعام، يعني الذي يوجد أطيب منه، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] "فقال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي)) " هذه العلة يعني لا تقوى على التحريم، حتى ولا على الورع في مثل هذا، لكن كونه لم يكن بأرض قومه فلم يعتده، ولم يبن الجسد عليه، فقد يكون غير ملائم لهذا الجسد من جهة، وقد يكون أيضاً مما تعافه النفس؛ لأنه شيء طارئ عليها، كالطعام الذي تراه لأول مرة، يعني لا تجرؤ على الأكل منه حتى يعتاده البصر، وبعض الأطعمة وهي من نعم الله -جل وعلا-، بمجرد مرآك لها تتقزز منها، يعني ولو كانت مركباتها أنت تأكلها إذا ركبت بطريقة أخرى، يعني لو طبخ لك مثلاً مرق مع لبن تشرب وإلا ما تشرب؟ أو عندك المرق وصبيت عليه لبن، أكثر الناس ما يشرب مثل هذا، وهناك مركبات في بعض البلدان يعني ما يمكن أن يقدم عليها كثير من الناس، فهو من هذه الحيثية أن الإنسان ما اعتاد على هذا، فمثلاً أكلات مصرية، وأكلات يمنية، وأكلات هندية، يعني لا تسوغ عندنا والعكس، لو تقدم بعض الأكلات الشعبية لبعض الجهات ما استساغها، على كل حال مثل هذا يعني يجعل الإنسان لا يأكل، لكن لا يجعله يحرم، لا يجوز له أن يحرم بهذه العلل، ولذلك قال: "أحرام هو يا رسول الله؟ قال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)) " يعني نفسياً أعافه، وإذا كان الإنسان يعاف طعاماً من الأطعمة، فليس لأحد أن يلزمه كائناً من كان، يعني إذا كان الإنسان لا يستسيغ اللبن، هل لأبيه أن يجبره على شرب اللبن؟ ما يجوز له يجبره، الطاعة بالمعروف، نعم؟
طالب: ما استدل عليه برائحته ....