الغالب أن الصور يراد بها ما لا ظل له، والتماثيل ما له ظل، وما له ظل مجمع عليه بين أهل العلم، وأما ما لا ظل له فعامة أهل العلم على تحريمه إذا كان لذي روح، إذا كان المصور من ذوات الأرواح، وعند جمع من أهل العلم أن النهي يشمل ما له روح وما لا روح له من مخلوقات الله -جل وعلا-؛ لأن فيه مضاهاة، وإذا رسم إنسان أو حيوان أو شجرة هذه مخلوقات الله، وهذا الذي رجحه القرطبي في التفسير أن التحريم لا يختص بذوات الأرواح، يشمل جميع مخلوقات الله؛ لأن العلة المضاهاة متحققة، ومع ذلك عامة أهل العلم على أن ما لا روح فيه يجوز تصويره.
الآلات المحدثة في التصوير التي تظهر الصورة مطابقة لخلق الله، يعني من رآه قال: هذا فلان من دون أي تردد، وبعضهم يقول: إن هذه الآلة تظهر شيئاً هو خلق الله، ليس فيه مضاهاة لخلق الله، إنما هو خلق الله، والارتباط بين الصورة والمصور هو نفس الارتباط بين الاسم والمسمى، العلماء يختلفون في الاسم هل هو عين المسمى أو غيره؟ ما اختلفوا في هذا؟ ما في خلاف؟ يختلفون، ويقولون: إن أريد به أن المسمى يتأثر بما يتأثر به الاسم فهذا ليس بصحيح؛ لأنك لو كتب زيد وأحرقتها بالنار ما تضرر زيد، فدل على أنه غيره، وإن كان المراد به أن هذا الاسم يعبر عن هذه الذات بحيث لو قرئ هذا الاسم عرفت تلك الذات، فالارتباط وثيق هذا هو ذاك، فهو عينه، يعني بالنظر الأول غيره، وبالنظر الثاني عينه.
الصورة لو أحرقت تضرر المصور؟ كالاسم لا يتضرر، ولكن من رآها كمن رأى الاسم، ويش اللي يترتب على هذا؟ هل نقول: إن هذه عين المخلوق أو غير المخلوق؟ لأنه إذا قيل: مضاهاة لخلق الله مقتضاه أن الموجود غير خلق الله شيء آخر يضاهي خلق الله، وإذا قلنا بهذا شمل جميع الصور، إذا قلنا: إن الصورة غير المصور شملت جميع الصور سواءً كانت بآلة أو باليد.