لكن عموم الحديث السابق ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع)) وهنا يقول: "استأذن ثلاثاً ثم رجع، فأرسل عمر بن الخطاب في أثره، فقال: ما لك لم تدخل؟ " يعني الجواب معروف، استأذنت فلم تأذن، كيف أدخل؟ "فقال أبو موسى: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع)) " عمر -رضي الله عنه- أبو موسى ثقة عنده، فأراد أن يحتاط للسنة -رضي الله عنه وأرضاه-، وعلل ذلك: خشيت أن يتقول الناس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في مناسبات كثيرة يقبل عمر خبر الفرد، خبر الواحد، لكنه أحياناً إذا حصل عنده أدنى تردد طلب من يشهد له، ولا يقال: إن في مثل هذا مستمسك للمعتزلة الذين لا يقبلون خبر الواحد، لا يقبلون إلا خبر اثنين فأكثر، صرح بذلك أبو الحسين البصري، وأبو هاشم الجبائي وغيرهم من المعتزلة، ويقولون: هذا صنيع عمر، رد أبا موسى حتى وجد من يشهد له، نقول: لا، عمر -رضي الله عنه- يحتاط للسنة، وليس هذا منهجه وديدنه أنه يرد خبر الواحد، لا، قبل خبر الواحد في مناسبات، لكن إذا وجد في النفس أدنى تردد لا بد من الاحتياط للسنة.

"فقال عمر: ومن يعلم هذا؟ لئن لم تأتني بمن يعلم ذلك لأفعلن بك كذا وكذا" يعني هكذا يجب على من ولاه الله -جل علا-، الأمر أن يحتاط للدين، وإلا يتلاعب الناس بالأحكام، لأفعلن بك كذا وكذا، صحابي جليل معروف مقامه، ويقول عمر ذلك لأنه لا يحابي في الدين، عمر -رضي الله عنه- لا يحابي أحداً في دين الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015