وحدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم أن أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- جاء يستأذن على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فاستأذن ثلاثاً، ثم رجع، فأرسل عمر بن الخطاب في أثره، فقال: ما لك لم تدخل؟ فقال أبو موسى: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع)) فقال عمر: ومن يعلم هذا لئن لم تأتني بمن يعلم ذلك لأفعلن بك كذا وكذا، فخرج أبو موسى حتى جاء مجلساً في المسجد يقال له: مجلس الأنصار، فقال: إني أخبرت عمر بن الخطاب أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع)) فقال: لئن لم تأتني بمن يعلم هذا لأفعلن بك كذا وكذا، فإن كان سمع ذلك أحد منكم فليقم معي، فقالوا لأبي سعيد الخدري: قم معه، وكان أبو سعيد أصغرهم فقام معه، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فقال عمر بن الخطاب لأبي موسى: أما إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
أو باب الاستئذان, وأما الترجمة الكبرى كتاب الاستئذان والبسملة فهذه لا توجد في كثير من النسخ؛ لأن هذا الباب من ضمن كتاب الجامع، ليس كتاب داخل في كتاب، إنما هو باب من ضمن أبواب كتاب جامع كسوابقه ولواحقه.
والاستئذان: السين والتاء للطلب، فالاستئذان طلب الإذن بالدخول، فيستأذن الإنسان إذا أراد أن يدخل على غيره قائلاً: السلام عليكم، أأدخل؟ ثلاثاً، إن أذن له وإلا فيرجع، وحينئذٍ يكون الرجوع سواءً إذا لم يرد عليه، أو رد عليه بعدم الإذن، فالرجوع أزكى له من أن يحرج صاحبه بكلام زائد على الاستئذان ثلاثاً.