ونقل ابن حزم أن حلق اللحية كبيرة من كبائر الذنوب بالإجماع، نقل على ذلك الإجماع إجماع أهل العلم، ومن الفقهاء المتأخرين يحمل مثل هذا الأمر على الكراهة، وهو أمر لا صارف له، يعني إن احتج من احتج بفعل الصحابة بأخذ ما زاد على القبضة فلن يجد من يحتج بفعله فيما زاد على ذلك أبداً، فضلاً عن الحلق، الحلق يعني الصور الموجودة للمسلمين في جميع الأقطار قبل مائة سنة لا يعرف بينهم الحق، لكن تساهل الناس لما خالطوا الكفار وجاءوهم في بلدانهم، وسافروا إليهم، يعني حصلت الرحلة منهم وإليهم، وكثر الاختلاط، وأعجب كثير من الضعاف من ضعاف المسلمين من باب اقتداء المغلوب بالغالب، بهر كثير من المسلمين بحضارة الكفار، فصاروا يعجبون بهم، ومن أعجب بأحد قلده، وقلدوهم في هذا، ولا شك أن هذه من العظائم، التشبه بالكفار من العظائم، وهذه منها، ولو لم يرد الأمر بإعفاء اللحى لكان مجرد التشبه كاف في تحريم حلق اللحية، وهو أيضاً تشبه بالنساء، ولعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المخنثين من الرجال الذين يتشبهون بالنساء والعكس، والمترجلات من النساء، هذا التشبه كافي في التحريم، إضافة إلى أن السنة القولية والفعلية تضافرت على أن اللحية لا يتعرض لها بشيء، وتعرف قراءة النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته باضطراب لحيته من خلفه، وجاء في صفته -صلى الله عليه وسلم- أنه كان كث اللحية، فهذا فعله وهذا أمره، فهل يبقى لمتشبث أو لمستمسك حجة أو شبهة في أن يخفف لحيته أو يحلقها؟ لكنه الهوى -نسأل الله السلامة والعافية-، والضغوط على ما يذكره بعضهم إما من رؤسائهم من ساداتهم إلى أن وصل الأمر إلى أن المرأة تضغط على زوجها فيستجيب، نهاية في السفال، يعني من المقزز أن تجد طالب علم كث اللحية وافر اللحية ثم بعد ذلك تجده فجأة إما أن يخففها تخفيفاً بالغاً أو يحلقها وقد حصل، ثم تجد العلة أن المرأة اشترطت.