عيادة المريض سنة، جاءت النصوص الكثيرة بالأمر بها، جاء الأمر بعيادة المريض: ((عودوا المريض وفكوا العاني)) و ((حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض، ويتبعه إذا مات)) وهكذا، ونقل النووي -رحمه الله تعالى- أن عيادة المريض سنة بالإجماع، ومراده بهذا أنه لا يوجد من يخالف في شرعيتها، وإلا فقد قال الإمام البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض.
"والطيرة" يعني حكم الطيرة كما في الحديث الثاني.
يقول في الحديث الأول: " حدثني عن مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا عاد الرجل)) " يعني المسلم أخاه ((المريض خاض الرحمة))، ((لم يزل في خرفة الجنة)) كما جاء في الحديث الصحيح، ((حتى إذا قعد عنده قرت فيه)) شبه الرحمة بالماء الذي يخاض إذا أريد قطعه فهو يخوض غمرات هذه الرحمة حتى إذا قعد عنده قرت فيه، وثبتت، يعني ثبت أجره على الله -جل وعلا-، أو نحو هذا.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا عدوى ولا هامة ولا صفر)) " الحديث الصحيح: ((لا عدوى ولا طيرة)) في البخاري وغيره، ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا يحل الممرض على المصح)).
((لا عدوى)) أهل العلم يختلفون في هذا النفي هل هو نفي عام أو خاص؟ يعني تنفى العدوى في عموم الأمراض أو في بعضها دون بعض؟ أو أن المرض لا يُعدي البتة؟ فجمع من أهل العلم يرون أن النفي على حقيقته، وأن المرض لا يعدي، وأن مخالطة المريض مثل مخالطة السليم.
قوله: ((ولا يحل الممرض على المصح)) وقوله في الحديث الصحيح: ((فر من المجذوم فرارك من الأسد)) ليس إثباتاً للعدوى، وإنما هو خشية أن يصاب بالمرض نفسه فيقع في نفسه الحرج في الظن بتكذيب الحديث، كيف لا عدوى وأنا مرضت لما جلست عند هذا المريض؟ فمن أجل هذا الحرج الذي يقع فيه المخالط للمريض قيل: ((فر من المجذوم)) وإلا الأصل أن ما في عدوى.