يعني المصيبة التي تصيب المسلم سواءً كانت في نفسه أو ماله أو ولده رتب عليها أجر عظيم من الله -جل وعلا-، حتى الشوكة يشاكها، كبرت هذه المصيبة أو صغرت، و ((ما من مسلم تصيبه مصيبة حتى الشوكة يشاكها إلا حات الله من خطاياه كما تحت الشجرة ورقها)) أو ((حط الله من خطاياه -كما في الرواية الأخرى- كما تحت الشجرة ورقها)) فالمصائب مكفرات، والمصاب تكفر عنه ذنوبه بمجرد المصيبة عند جمع من أهل العلم، وأجر الصبر والرضا قدره زائد على ذلك، زائد على أجر مجرد الإصابة، ومنهم من يقول: إن الأجر مرتب على الصبر، والنصوص في ثواب الصبر {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] لا شك أنها كثيرة ومتضافرة في الكتاب والسنة، لكن هل أجر الصبر غير أجر المصيبة أو أنه إن صبر فله الأجر، وإن لم يصبر فعليه الإثم والوزر؟ خلاف بين أهل العلم، والذي يرجحه ابن حجر -رحمه الله- أن المصيبة لها أجرها، تكفر بها الخطايا، ثم بعد ذلك إن صبر واحتسب فله أجر زائد على ذلك، ولا شك أن المصائب تختلف كما أن الذنوب تختلف في كبرها وصغرها، ولذا يختلف أهل العلم هل المكفر بهذه المصائب الصغائر فقط أو عموم الذنوب؟ على أنهم يجمعون أن هذه المصائب لا تكفر الشرك، فمن أهل العلم من يرى أنها تكفر الصغائر فقط، وأن الكبائر لا بد لها من توبة، كما جاء في الأحاديث الكثيرة، ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة، كفارات لما بينها ما اجتنبت الكبائر))، ((ما لم تغش كبيرة)) فالكبائر لا بد لها من توبة، هذا قول معروف عند أهل العلم، وهو قول الأكثر، ومنهم من يقول: إنها تكفر الصغائر والكبائر؛ لأن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب مطلقة، ما فيها تقييد بنوع خاص من الذنوب، ولا شك أن لكل من القولين وجهاً، ووجه القول بأنها تكفر الكبائر إطلاق النصوص، وإذا كانت المصيبة كبيرة لا شك أن أجرها يكون أعظم بحيث يقابل المعصية الكبيرة، وإذا كانت المصيبة يسيرة فإن هذه تكفر من الصغائر ما تكفر، وإذا كثرت المصائب وتوالت أتت على ما يوازيها ويوازنها من الذنوب، فإن بقي منها شيء من أجر هذه المصائب ارتقى إلى تكفير