المعاليق التي تعلق على الدواب أو على الصبيان خشية العين هذه تنزع؛ لأن التعلق بغير الله -جل وعلا- شرك، فإن كانت هذه المعاليق ليست من الأسباب الشرعية ولا القدرية، يعني ما جرت العادة بأنها تنفع، وليست من الأسباب الشرعية، فهذا هو الشرك الأكبر نسأل الله العافية، من تعلق شيئاً وكل إليه، فهذا يجب قطعه ونزعه، ومع ذلك الأحرى والأحوط هو مذهب ابن مسعود -رضي الله عنه-، أن هذه المعاليق تنزع من أي شيء، ولو كانت من القرآن، على أي هيئة، وعلى أي صفة كانت، وينبغي أن يفرغ التعلق ويكون بالله -جل وعلا- لا بغيره، فتعليق شيء من القرآن لا شك أن القرآن لم يرد بهذا، لم يرد من أجل هذا أن يعلق، وإنما ورد لتعلمه والعمل به، فتنزع جميع المعاليق، والجرس من العنق، يعني من عنق الدواب، وجاء النهي عن صحبة من معه، أو من فيه جرس، والملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس، وجرس الدواب معروف، يُعرفه أهل العلم بأنه سطل صغير منكوس من حديد أو نحاس، منكوس فيه قطعة من الحديد، إذا مشت الدابة صار له صوت وطنين، هذا الصوت وهذا الطنين والإطراب في هذا الصوت هو الذي من أجله لا تصحب الرفقة من معهم مثل هذا الجرس.
وأقول: إن مثل هذا الجرس وصوته معروف، يعني ما سمعتم صوت مثل هذا الجرس؟ يعني إطرابه ليس بقوي، فأقول: هو الحد الفاصل بين هذه النغمات التي يختلف فيها، فإن كانت مثل جرس الدواب أو أشد تمنع، وإن كانت أقل فالأمر في ذلك سهل.
الجرس ممنوع، والملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس، وله جهتان: جهة طنين وصوت متدارك، وجهة إطراب، فمن جهة الإطراب يمنع، ومن جهة طنينه وصوته المتدارك شبه به الوحي، ((أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) ولقائل أن يقول: كيف يشبه الوحي وهو محمود بصوت الجرس وهو مذموم؟ نقول: الجرس له أو صوته له جهتان، جهة طنين، وتدارك في الصوت، من هذه الحيثية شبه به الوحي، وجهة إطراب من أجل هذه الجهة منع الجرس، فالتشبيه لا يقتضي المشابهة من كل وجه كما هو معلوم.