يعني في أيام الفتن لا شك أن من عنده غنم، ويذهب بها إلى شعب من الشعاب يشرب من لبنها، ويأكل من نسلها، لا شك أن هذه تكفيه وتغنيه، وأما دار مروان في أوقات الفتن ماذا تفيده؟ وماذا تنفعه؟ ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، يفر بدينه من الفتن)).
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطعام ومعه ربيبه عمر بن أبي سلمة" عمر بن أبي سلمة ابن أم سلمة، ربيبه ابن زوجته -عليه الصلاة والسلام-، "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((سم الله، وكل مما يليك)) " لأنه كانت يده تطيش في الصحفة، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((سم الله)) وهذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، ((وكل مما يليك)) يعني لا تأكل من أعالي الصحفة؛ لأن البركة تنزل في أعاليها وفي وسطها، وهذا من أدب الطعام.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: "جاء رجل إلى عبد الله بن عباس فقال له: إن لي يتيماً، وله إبل" يعني يتيم إما أخ، أو ابن عم، أو قريب، يكون وكيل عليه "وله إبل، أفأشرب من لبن إبله؟ " أو قريب منه ولو لم يكن هناك وكالة "فقال له ابن عباس" الخراج بالضمان، والغنم مع الغرم، إن كنت تقدم شيء لهذا اليتيم، ولمال هذا اليتيم انتفع وإلا فلا.
"فقال ابن عباس: إن كنت تبغي ضالة إبله" إذا ضل منها شيء ذهبت لتبحث عنه فاستفد، الخراج بالضمان، "وتهنأ جرباها" يعني إذا جرب بعضها تهنأها يعني تطليها بالقطران وتعالجها إذا مرضت "وتلط حوضها" يعني الحوض الذي فيه الماء تنظفه "وتسقيها يوم وردها، فاشرب غير مضر بنسل" يعني يجوز لك أن تشرب؛ لأنك تُقدم وهذا في مقابل هذه الخدمة "فاشرب غير مضر بنسل" يعني لا تشرب اللبن كله عن ولدها، "ولا ناهك في الحلب" يعني لا تأتي على كل شيء، اشرب حاجتك، لكن لا تأتي على كل شيء بحيث أذن لك فتقول: هذه فرصة "ولا ناهك في الحلب".