((وأكفئوا الإناء)) يعني اقلبوه؛ لئلا يعرض للحس الشيطان، أو الدواب المؤذية السامة ((أو خمروا الإناء)) ((وأوكوا السقاء، وأكفئوا الإناء، أو خمروا الإناء)) (أو) هذه شك، يعني هل قال: أكفئوا الإناء أو خمروه؟ يعني غطوه.
((وأطفئوا المصباح)) ولا شك أن المصباح فيه نار قد يتعدى ضررها إلى من بجوارها، كثيراً ما تحدث الحرائق بسبب هذا المصباح، وهذه الدفايات الموجودة المحرقة.
((فإن الشيطان)) العلة ((لا يفتح غلقاً)) المغلق لا يفتحه الشيطان ((ولا يحل وكاءً)) المربوط لا يحله ((ولا يكشف إناءً مغطى، وإن الفويسقة)) يعني الفأرة ((تضرم على الناس بيتهم)) يعني تأتي إلى هذه الفتيلة أو تأتي بشيء إليها فتوقده وتحرقه فيحترق البيت ومن فيه.
قال: "وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) " الأصل أن الإنسان محاسب بجميع ما يلفظ به، فإن قال خيراً كتب في ميزان حسناته، في صحيفة الحسنات، وإن قال شراً كتب في صحيفة السيئات، وإن قال لا هذا ولا هذا، فالخلاف بين أهل العلم معروف هل يكتب أو لا يكتب؟ مع أن قوله -جل وعلا-: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] يدل على أن كل شيء يكتب، وعلى هذا على الإنسان أن يحتاط لنفسه؛ لأن كثرة الكلام لا بد أن توقع في المحظور والممنوع، فمن كثر كلامه كثر سقطه ((ليقل خيراً أو ليصمت)) وفاز من جبل على الصمت؛ لأن أكثر الكلام في القيل والقال الذي لا فائدة فيه فضلاً عن الكلام المحرم، فعلى الإنسان أن يهتم لمثل هذا، ولذا قال معاذ بن جبل: وهل نؤاخذ أو وهل يؤاخذ الناس على حصائد ألسنتهم -على الكلام يعني-، قال: ((وهل يكب الناس على وجوههم)) أو قال: ((على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) فلا شك أن من يحتاط لنفسه، ويتحرى في هذا الباب، والناصح لنفسه أن يلزم الصمت إلا فيما ينفع.