قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة)) " لماذا؟ لأن الاجتماع بركة، الاجتماع فيه بركة، اجتماع الناس الزاد فيه بركة، فإذا اجتمع الثلاثة على طعام الاثنين كفاهم، وإذا اجتمع الأربعة على طعام الثلاثة كفاهم وهكذا، ولا شك أن الناس يتفاوتون، والنساء تتفاوت التي تتولى صنع الطعام، منهن من جبلت على الزيادة، ومنهن من جبلت على النقص، فالتي جبلت على الزيادة إذا دعا الزوج عشرة يحتاج إلى أن يقول لها: عندي خمسة، وبعض النساء من جبلت على النقص إذا دعا عشرة قال: عندي عشرين، ومع ذلك المعول على مثل هذا الحديث، والمسألة مسألة التوسط في الأمور، يعني التي تعطي الأمور قدرها، إذا قال: عندي عشرة جاءت بطعام عشرة، طعام العشرة يكفي أكثر من هذا العدد الذين اجتمعوا، كما أن طعام الاثنين يكفي الثلاثة، طعام الثلاثة يكفي الأربعة، فهل نقول بهذه النسب، أو نقول: إن طعام الجماعة يكفي أكثر منهم؟ لأن النسب متفاوتة، إذا قلنا: طعام الاثنين كافي الثلاثة، قلنا: طعام العشرة يكفي خمسة عشر، نعم، وإذا قلنا: طعام الثلاثة كافي الأربعة قلنا: طعام الخمسة عشر يكفي العشرين، النسبة تتفاوت في مثل هذا، فالنسبة في أول الأمر الثلث، والنسبة في ثاني الأمر الربع، أو نقول: إن المقصود من هذا الحديث أن الاجتماع على الطعام بركة، وأما التقدير بدقة ليس بمقصود.
والبركة أيضاً تتفاوت، فقد يكون طعام الخمسة يكفي العشرة، طعام العشرين يكفي الخمسين، وقد يكون طعام الاثنين لا يكفي الثلاثة، لماذا؟ لما يحتف في نفوسهم من عدم التصديق بمثل هذا الخبر، وعلى كل حال لا بد من التصديق والتسليم بما جاء عن الشرع، ثم بعد ذلك فعل الأسباب التي جاء بها الشرع، ثم النتيجة تكون كما في الحديث، لا شك أن المقصود بالطعام الذي يمكن الاجتماع عليه.