لا تعني المبالغة في .. ، والإفراط والغلو فيه -عليه الصلاة والسلام-، الذي نهى عنه -صلى الله عليه وسلم- حتى وجد من بعضهم صرف محض حق الله -جل وعلا- له -عليه الصلاة والسلام-، هذا لا يجوز بحال، هذا الشرك، وهناك القصائد والمدائح النبوية، وكتب فيها المجلدات، وبعض الشعراء خصص نفسه لمدح النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكثير من أشعاره لا يخلو من هذا الإطراء وهذا الغلو، وصار الناس يتلقفون هذه القصائد ويرددونها، وهي ديدنهم صباح مساء، وعاقهم مثل هذا عن التوفيق للعلم النافع، والعمل الصالح، فليست محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- بترديد هذه الأناشيد، ولا تلك الجمل التي بالغوا فيها، وأطروا فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما محبته تتمثل في اتباعه -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "حدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه سمعه يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير ... " ليس بالطويل البائن يعني المفرط في الطول، الزيادة في الطول، وإن كان العرب يتمدحون بالطول، وأن أعزاء الرجال طيالها على ما قالوا، لكن مع ذلك فرق بين طول مقبول بين الناس، وبين طول مفرط، حتى قال ابن حجر في الفتح ما قال بالنسبة لمن طوله مفرط، الطول هذا يعني قال: إنه مظنة للسفه، يقول: لبعد القلب من الدماغ، هذا كلام ابن حجر، لكن لا يعني هذا أن القصار يمدحون بقصرهم، لا، التوسط هي صفته -عليه الصلاة والسلام-، ليس بالطويل البائن، يعني المفرط في الطول، ولا بالقصير، وإنما هو ربعة من الرجال، بين الطويل والقصير.
"وليس بالأبيض الأمهق" الذي يشبه من ابتلي بالبرص مثلاً، وليس بياضه مثل بياض الجص بحيث يقذر، لا، بياضه أيضاً فيه شيء من الأدمة، وفيه شيء من الحمرة، وليس بالأبيض الأمهق.
"ولا بالآدم" يعني الأسمر، شديد السمرة، إنما هو أزهر -عليه الصلاة والسلام- أبيض مشرب بحمرة.
"ولا بالجعد القطط ولا بالسبط" ولا بالجعد القطط، يعني شعره ليس بالجعد المتجعد كشعور الزنج، ولا بالسبط الذي فيه نعومة زائدة، بل شعره متوسط -عليه الصلاة والسلام-.