القسامة مأخوذة من القسم وهو اليمين؛ لأنها أيمان مكررة، عدتها خمسين يميناً، أو عدتها خمسون يميناً، يحلف أولياء الدم خمسون، فإن نكلوا ردت على أولياء المدعى عليه، ردت على المدعى عليهم، والقصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وشبه القسامة باللعان من حيث أنها أيمان على أمر لا يمكن الشهادة الواضحة البينة عليه، حيث يقتل الرجل خفية في مكان يكون فيه شيء من الخفاء والغموض، وكذلك إذا أدعى الزوج على زوجته أنها زنت يصعب عليه أن يحضر البينة، وكذلك إذا قتل القتيل بين قوم لا يمكن إحضار البينة عليهم، فيُبدّأ أولياء المقتول كما يبدأ الزوج المدعي بالأيمان، ولا شك أن هذه القسامة إنما تتجه على من يُتهم بها، أما الناس البرآء الذين لا يتهمون لا يقبل قول من يدعي عليهم، إلا إذا أحضر بينة ضعيفة لا تقبل في مثل هذا الحكم استقلالاً، ولا بد من قرينة تدل على اتهامهم بذلك من لوث لا تثبت به الحجة، ولذا اليهود لا شك أنهم قوم خونة وأهل غدر، إذا تمكنوا من المسلم قتلوه، فهذه تهمة، ولو وجد قتيل بين قريتين بينهما عداء قديم، أو بين قبيلتين بينهم ثارات وضغائن وأحقاد يتجه الإدعاء عليهم، أما إذا خلت المسألة من ذلك فلا يتجه حينئذٍ قسامة.